هكذا، شهد صيف 2024 استضافة باريس للألعاب الأولمبية (من 26 يوليوز إلى 11 غشت) والألعاب البارالمبية (من 28 غشت إلى 8 شتنبر)، والتي حولت العاصمة والعديد من المدن الفرنسية إلى مسرح للمنافسات الرياضية رفيعة المستوى، إذ قدم الرياضيون المتميزون عرضا أبهر ملايين المتفرجين عبر جميع أنحاء العالم.
وأقيم حفل افتتاح هذا الحدث الدولي، لأول مرة في تاريخ الأولمبياد خارج الملعب، على طول نهر السين، مما وفر إطارا فريدا حول المعالم التاريخية للعاصمة الفرنسية. وشهد الحفل استعراض الوفود الأولمبية الدولية، بما في ذلك الوفد المغربية، على النهر الباريسي أمام مئات الآلاف من المتفرجين.
وخلال هذه الألعاب، تألق المغرب بمشاركة رياضيين موهوبين، من بينهم سفيان البقالي الذي حصد الميدالية الذهبية، والأداء المشرف لفريق كرة القدم الأولمبي الذي نال الميدالية البرونزية.
كما بصم الرياضيون البارالمبيون المغاربة على مشاركة متميزة أيضا بحصولهم على ما مجموعه 15 ميدالية، منها 3 ذهبيات و6 فضيات و6 نحاسيات. هذا الأداء الرائع وضع المغرب في المركز 31 في الترتيب العام للبلدان المشاركة.
وإلى جانب نجاحها الرياضي والشعبي الباهر، حققت دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية في باريس 2024 نجاحا ماليا أيضا، وفقا للجنة المنظمة لهذه المسابقة الدولية، التي أغلقت حساباتها بفائض قدره 26.8 مليون يورو.
ويعزى هذا الأداء، حسب المنظمين، على وجه الخصوص إلى النجاح الشعبي الذي حققته الألعاب، إذ بلغت مبيعات التذاكر 1489 مليار يورو (بما في ذلك 156 مليون يورو من عائدات الضيافة)، حيث تم بيع أكثر من 9.5 مليون تذكرة للألعاب الأولمبية وأكثر من 2.5 مليون تذكرة للألعاب البارالمبية.
كما ارتفع النمو الفرنسي بنسبة 0,4 بالمائة في الربع الثالث من سنة 2024، مدفوعا بالألعاب الأولمبية والبارالمبية في باريس، وفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية.
وبينما كانت الأضواء مسلطة على الإنجازات الرياضية، كان المشهد السياسي الفرنسي يشهد تغيرات متسارعة، حيث دفع فوز التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
ومع ذلك، لم تسفر الانتخابات عن أغلبية واضحة، مما أدخل البلاد في وضع غير مسبوق. في هذا السياق الخاص، تم الدفع بميشيل بارنييه إلى ماتينيون، مجسدا الأمل في التوصل إلى توافق. ولكن سرعان ما تبدد زخمه بعد فترة وجيزة من خلال مذكرة سحب الثقة، وهي الأولى منذ عام 1962.
في غضون ذلك، تم تعيين رئيس وزراء جديد في 13 دجنبر الجاري في شخص الوسطي فرانسوا بايرو، الذي كشف عن تشكيلة حكومته بعد عشرة أيام. وضمت الحكومة الجديدة، التي وصفت بأنها "فريق من ذوي الخبرة"، من 35 وزيرا، من بينهم شخصيات سياسية وازنة، مثل إليزابيث بورن على رأس وزارة التربية الوطنية، ومانويل فالس، الذي تولى حقيبة أقاليم ما وراء البحار، وجيرالد دارمانان المكلف بحقيبة العدل.
وأكد رئيس الوزراء الجديد أنه "على قناعة" بأن حكومته لن تتعرض لحجب الثقة على غرار سلفه ميشيل بارنييه، معربا عن أمله في الصمود أمام أي مقترح بحجب الثقة في جمعية وطنية لا تزال منقسمة.
في خضم كل هذه الاضطرابات السياسية، برز حدث خاص أسعد عموم الفرنسيين: إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام في باريس، وهي تحفة فنية من العمارة القوطية عمرها أكثر من 860 عاما وتعرضت جزئيا للتدمير بسبب حريق في عام 2019.
و أُعيد افتتاح هذا الصرح الديني في حفل مهيب في 7 دجنبر، وذلك بحضور حوالي أربعين رئيس دولة وحكومة، بمن فيهم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وشخصيات دولية بارزة.
وقد مثل صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في حفل إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام في باريس.
وكانت 2024 أيضا سنة لتخليد الذكرى الثمانين لتحرير فرنسا.
وقد نُظمت العديد من الاحتفالات في جميع أنحاء فرنسا للاحتفال بهذا الحدث، كان أبرزها إنزال النورماندي (6 يونيو) الذي حضره العديد من رؤساء الدول، بما في ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن.
كما تم الاحتفال بحدث آخر في فرنسا على نطاق واسع، وهو انعقاد القمة التاسعة عشرة للفرنكوفونية يومي 4 و5 أكتوبر، لأول مرة منذ ثلاثة وثلاثين سنة.
وإلى جانب الجزء الوزاري والجزء المخصص لرؤساء الدول والحكومات، الذي مثل فيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، فإن القمة الفرنكوفونية شكلت مناسبة لتبادل الآراء مع المبدعين ورواد الأعمال الشباب من خلال عدد من الفعاليات، بما في ذلك معرض "فرانكو تيك" للتكنولوجيا وقرية الفرنكوفونية التي تستضيف أجنحة وطنية، بما في ذلك جناح المغرب.