وتوخت هذه الورشة، التي بحثت موضوع "التقائية اللامركزية واللاتمركز الإداري، شرط أساسي للنهوض بالاستثمار المنتج"، بمشاركة رؤساء جهات ومنتخبين وأكاديميين، تحديد الأدوار التي يضطلع بها الفاعلون المؤسساتيون في تعزيز الاستثمار المنتج، واستعراض أفضل الممارسات الجهوية ذات الصلة.
كما قدم المتدخلون مقترحات من شأنها رفع التحديات المطروحة في ما يتعلق بالنهوض بالاستثمار الخاص، باعتباره رافعة أساسية لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحديد التدابير الكفيلة بأجرأتها على المديين القصير المتوسط.
وفي هذا الصدد، أكد الأستاذ الجامعي، حسن العرافي، أن حجم الاستثمارات العمومية التي تهم تطوير البنيات التحتية بلغ أكثر من مئة مليار درهم، وهو ما ساهم في مواكبة الجهات والجماعات الترابية لتفعيل اختصاصاتها في مجال دعم الاستثمار الخاص، عبر تشجيع المقاولات، وإحداث وتنظيم مناطق خاصة بالأنشطة الاقتصادية على مستوى الجهات.
وأضاف أنه لتحقيق هذا المسعى، تم إحداث مراكز جهوية للتكوين والتشغيل وتطوير الكفاءات، بتعاون مع مجالس الجهات، من أجل الارتقاء بتكوين الموارد البشرية وزيادة الإدماج في سوق الشغل، مشيرا إلى أن هذه المبادرة ساهمت في مواكبة جهود الجهات في مجال دعم الاستثمار وإنجاح مشاريع لتطوير الأنشطة الاقتصادية المحدثة.
وفي هذا الصدد، أوصى الأكاديمي ذاته بضرورة توفير بيئة أعمال دينامية تشجع على الابتكار، وتدعم نمو الشركات والمقاولات الأكثر إنتاجية، إلى جانب جعل الاستثمار العمومي في خدمة الاستثمار المنتج، داعيا إلى تدقيق دور واختصاصات مجالس الجهات في مجال مواكبة الاستثمارات، وزيادة آليات التنسيق والالتقائية بين جهود مختلف المتدخلين.
بدوره، أكد عميد كلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أحمد أجعون، على أهمية تحقيق الالتقائية عبر تدقيق أمثل لاختصاصات الجهات، وإحداث تمثيليات مشتركة بين مختلف الهيئات المتدخلة، واعتماد المقاربة الترابية عوض المقاربة القطاعية، مع نهج آليات جديدة للتعاقد بين الدولة والجهات.
وفي هذا السياق، أشار أجعون إلى أن الميثاق الوطني للاتمركز الإداري يشكل آلية مهمة لتحقيق الملاءمة التشريعية للاختصاصات بين الجهات والقطاعات الحكومية، ونقل الاختصاصات إلى المصالح اللاممركزة، ومنح الاعتمادات المالية الكفيلة بحسن اضطلاع هذه الأخيرة بصلاحياتها.
أما رئيس مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، عمر مورو، فذكر بأن الأهداف الاستراتيجية التي يعمل مجلس الجهة على تحقيقها تتمثل في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وتوظيف الاستراتيجيات القطاعية الوطنية على مستوى الجهة من أجل تنمية مستدامة، وإحداث مناصب الشغل لتحقيق الاندماج الاجتماعي كأساس لبناء الدولة الاجتماعية، بما يعزز التنافسية الترابية.
وفي هذا الصدد، أوصى مورو بتعزيز دور البحث العلمي والابتكار لدعم مختلف الاستراتيجيات الرامية لجعل الجهات الوعاء الأمثل لتنزيل السياسات الحكومية تحقيقا للتنمية الشاملة، مؤكدا على محورية إدماج الأبعاد الإيكولوجية في أي نهج أو سياسة عمومية وإيلائها الأهمية التي تستحق.
ويشكل هذا الحدث، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحت شعار "الجهوية المتقدمة بين تحديات اليوم والغد"، لحظة مهمة في تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، باعتباره إصلاحا هيكليا وخيارا استراتيجيا لتعزيز مسار التنمية الترابية، وذلك في ظل التوجيهات الملكية السامية.
وسيسلط المشاركون في هذا اللقاء المنعقد على مدى يومين بمبادرة من وزارة الداخلية وبشراكة مع جمعية جهات المغرب، الضوء على المبادرات الناجحة والمشاريع الهيكلية المنجزة في مختلف الجهات، بهدف تشجيع تبادل الخبرات والتفكير في حلول مبتكرة ومناسبة للتحديات الترابية.