وينظم هذا اللقاء العلمي، على مدى يومين تحت شعار "حقوق الإنسان رافعة للدولة الاجتماعية"، من قبل شعبة القانون العام بالكلية متعددة التخصصات بآسفي، ومختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة وسيط المملكة وهيئة المحامين بآسفي.
ويأتي هذا المنتدى لتجسيد أدوار الباحثين الأكاديميين والمهتمين بمجال حقوق الإنسان والحريات العامة في قراءة منظومة الحقوق والحريات بالمغرب ومدى مواكبتها للتطورات الوطنية والإقليمية والدولية.
وخلال افتتاح أشغال هذه التظاهرة الجامعية الوطنية، أبرز رئيس مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، إدريس لكريني، أن هذا اللقاء الذي يأتي في إطار الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان، يشكل مناسبة مهمة لاستحضار الجهود التي راكمها المغرب في مجال حماية حقوق الإنسان على عدة مستويات.
وأكد السيد لكريني أن المملكة حققت منجزات كبيرة في هذا المجال من خلال إجراء إصلاحات دستورية وتشريعية ومؤسساتية بالإضافة إلى اعتماد سياسات عمومية تروم تعزيز واقع حقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، ذكر بأن المغرب، على امتداد ربع قرن الماضي، شهد دينامية مهمة عززت منظومة حقوق الإنسان في سياق تفاعل إيجابي مع المتغيرات الوطنية المرتبطة بتنامي مطالب المجتمعين السياسي والمدني في هذا الاتجاه، وكذلك انسجاما مع التحولات الدولية الكبرى التي أفرزها تزايد الاهتمام بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ومن بين تمظهرات هذه الدينامية، أشار لكريني إلى تشبث المغرب بحماية حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا، لا سيما من خلال دسترة الحقوق والحريات ومجموعة من المؤسسات المعنية بحماية حقوق الإنسان، بالإضافة إلى المصادقة على مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات في هذا المجال، منها "اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، و"البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة".
من جهته، أبرز عميد الكلية متعددة التخصصات بآسفي، عبد الصمد شريف، أن موضوع هذا الملتقى "المغرب في ظل العهد الجديد، الحقوق والحريات في ربع قرن من الحكم 1999-2024"، "يجسد رحلة وطننا التي تبعث على الفخر، ويعكس الجهود المبذولة، في ظل القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وضمان الحقوق والحريات الفردية والجماعية".
وقال السيد شريف إن المغرب، منذ تربع جلالته على عرش أسلافه الميامين، شهد منعطفات تاريخية بارزة في مختلف المجالات، أهمها مجال الحقوق والحريات، مشيرا إلى أبرز المحطات التي ميزت هذه المرحلة من قبيل الإصلاحات الدستورية الجوهرية التي توجت بدستور 2011 استجابة لتطلعات المغاربة نحو تكريس الديمقراطية وتعزيز دولة الحق والقانون.
وأوضح من جهة أخرى أن دور الجامعة في تعزيز حقوق الإنسان ليس مقتصرا على التدريس فحسب، بل يشمل أيضا البحث العلمي والتوعية المجتمعية والمشاركة الفاعلة في تعزيز قيم حقوق الإنسان والمواطنة الحقة.
وأشار المسؤول ذاته إلى أن المؤسسات الجامعية لها القدرة على التأثير بشكل إيجابي في بناء مجتمع يقدر الحقوق الأساسية لكل فرد، مما يسهم في تطوير ثقافة العدالة والمساواة وتوطيد أعمدة دولة الحق والقانون والمؤسسات.
من جانبه، وقف ممثل مؤسسة وسيط المملكة، عصام عزوزي، عند أهمية هذه الهيئة كآلية دستورية شرعنت الحق في التظلم، موضحا أن "النقلة الدستورية التي عرفتها المؤسسة في صيغتها الحالية جسدت الاستجابة الواعية لمتطلبات مواكبة النموذج الاسترشادي للوساطة المؤسساتية عبر العالم.
وأضاف السيد عزوزي أن "تواجد مؤسسة وسيط المملكة ضمن المشهد المؤسساتي الحقوقي الوطني يعد أحد معالم التطور الإصلاحي الهام على هذا الصعيد".
وجدد السيد عزوزي التأكيد على أن مؤسسة وسيط المملكة عازمة بشكل مستمر عن دعم كل المشاريع البحثية والدراسات الجامعية التي تعنى بالوساطة المؤسساتية وبمختلف الإشكالات المرتبطة بحقوق الإنسان بشتى أبعادها.
يشار إلى أن أشغال اليوم الأول لهذه التظاهرة تميزت بمداخلة مركزية قدمها عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، علي كريمي، سلط من خلالها الضوء على تطور المشهد الحقوقي بالمغرب.
وتتضمن أشغال التظاهرة 4 جلسات علمية تناقش "مرجعيات ومسارات حقوق الإنسان بالمغرب"، و"الأدوار الممكنة للفاعلين في هذا المجال"، و"حقوق الإنسان والتحولات الاجتماعية والقيمية"، فضلا عن "الممارسة الاتفاقية والرقمنة وسؤال التحدي الحقوق بالمغرب".