ويهدف هذا المؤتمر، المنظم بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني والاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ومدرسة المكتبيين وأمناء الأرشيف والموثقين بالسنغال ودار التراث الشفهي، إلى مقاربة الصناعات الثقافية والإبداعية على مستوى إفريقيا والعالم العربي، ودراسة تطورها في سياق ما بعد الحداثة.
وفي كلمة بالمناسبة، قال مدير مدرسة علوم المعلومات، صلاح الدين بهجي، إن هذا المؤتمر يوفر منصة لتبادل الرؤى حول الصناعات الثقافية والإبداعية في المنطقة العربية والإفريقية، فضلا عن استكشاف الفرص والتحديات التي تواجه هذا القطاع في ظل التحولات المعرفية والتكنولوجية المعاصرة.
وأضاف أن سعي العالم إلى تعزيز التنمية المستدامة يأتي في سياق تضطلع فيه الصناعات الثقافية والإبداعية بدور رئيسي في دفع عجلة الاقتصاد وخلق فرص العمل وتعزيز الهوية الثقافية، مشيرا إلى أن مدرسة علوم المعلومات، من خلال تنظيمها لهذا المؤتمر، تسعى إلى أن تكون جزء من هذا التحول وتوظف إمكانياتها لتوفير منصة علمية تساهم في نشر الوعي حول هذا الموضوع.
من جهته، استعرض عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أحمد بوكوس، مميزات الهندسة الثقافية التي تتمثل، على الخصوص، في الإبداع والابتكار، ودمقرطة الثقافة وخلق روابط اجتماعية والتنمية الاقتصادية المحلية، فضلا عن تثمين التراث اللامادي، والابتكار في مجال الإنتاج.
أما في ما يتعلق بمخاطر الهندسة الثقافية، فقد تطرق السيد بوكوس إلى صعوبة تقييم الانعكاسات المختلفة التي تؤثر على الإنتاجات الثقافية الجماعية، بالإضافة إلى إقصاء بعض الفئات من الساكنة التي لا تستفيد كثيرا من مساهمتها في إنتاج القيمة المضافة، وإضعاف الجمالية التقليدية للمشغولات، خاصة الزرابي، فضلا عن تدخل الهندسة الثقافية في اتجاه تجريد المجتمعات القروية المعزولة من رأسمالها الثقافي عن طريق التجارة.
ومن جانبه، توقف مدير مكتب اليونسكو في المنطقة المغاربية، إيريك فالت، عند الدينامية التي أصبحت تشهدها الثقافة على المستوى الدولي، مسجلا أهمية اعتماد وزراء الثقافة في مجموعة الدول السبع إعلانا "تاريخيا" يهدف إلى حماية الحقوق الثقافية بكل تنوعها بشكل أفضل، وكذا اجتماع وزراء الثقافة في مجموعة العشرين، والذي أسفر عن التزام مشترك بزيادة الاستثمار في السياسات الثقافية.
وأكد السيد فالت أنه وفي ظل الزخم الذي باتت تشهده الثقافة، أصبح العالم يقف في لحظة محورية للاعتراف الكامل بدور الثقافة في تماسك المجتمعات وتحولها، معربا عن أمله في أن يشكل هذا المؤتمر فرصة لجمع كل الجهات الفاعلة في الصناعات الثقافية والإبداعية في المغرب إلى جانب كافة شركائهم المعنيين بهدف القيام بأفضل الخيارات المتاحة على المستوى الوطني.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، نبهان بن حارث بن ناصر الحراصي، إن انعقاد هذا المؤتمر الدولي يأتي في سياق تحاول فيه كل دول العالم صياغة استراتيجياتها وخططها للتنمية والاستدامة الثقافيتين، مسجلا في ذات الصدد، أن هذا الأمر لا يمكن أن يتأتى إلا إذا تم تحقيق عائدات اقتصادية ومادية من الثقافة.
وأضاف السيد الحراصي، الذي يشارك بأوراق علمية في هذا المؤتمر، أن هذه الدورة ستحاول الكشف عن كيفية النجاح في الاستثمار في الثقافة على مستوى الوطن العربي والقارة الإفريقية، معربا عن أمله في أن تساهم الأوراق العلمية المدرجة في وضع رؤى مستقبلية وتوصيات تفضي إلى تحقيق عائدات مادية واقتصادية من الثقافة.
ويقارب المؤتمر، الذي تمتد أشغاله لثلاثة أيام، على الخصوص، تعقيدات الصناعات الثقافية والإبداعية في إفريقيا والعالم العربي، وخصوصياتها، والإشكاليات الناجمة عن تطور هذه الصناعات، والنمو الاقتصادي والافتراضي، وواقع خلق فرص العمل، وتنمية المناطق الهشة، وخصوصية ريادة الأعمال الثقافية، فضلا عن المكانة التي تحتلها الصناعات الثقافية والإبداعية في الأسواق الوطنية والدولية، والقضايا المتعلقة بالتنوع في إفريقيا والعالم العربي، والمسؤولية المجتمعية والثقافية، وذلك وفق تصور متعدد التخصصات.
وتتوزع أشغال المؤتمر على ثمانية محاور كبرى، تشمل على الخصوص الصناعات الثقافية والإبداعية، والمتحف والفن والمجتمع، والمكتبات والصناعات الثقافية، والمجتمع والصناعات الثقافية والإبداعية، وتطوير التعبير الفني، إضافة إلى حلقة دراسية لطلبة الدكتوراه.
كما يشمل برنامج المؤتمر محاضرتين لكل من مدير كرسي الآداب والفنون الإفريقية التابع لأكاديمية المملكة المغربية، أوجين إيبودي، في موضوع "الديبلوماسية الثقافية والصناعات الثقافية: زمن إفريقيا"، ورئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، نبهان بن حارث الحراصي، في موضوع: "فرص الاستثمار في الثقافة في الوطن العربي".