وتهدف هذه الندوة، التي تمتد أشغالها ليومين، إلى التعريف بتاريخ وتطور المصاحف الشريفة، والتأريخ لتطور الكتابة المصحفية بالمغرب، بالنظر إلى أن المصاحف تشكل وثائق تاريخية، تحيل على القراءات التي اعتمدها المغاربة أول مرة، وكذا على بعض اختياراتهم في علوم القراءات والرسم.
كما يتوخى هذا اللقاء، الذي يشارك فيه ثلة من العلماء والباحثين والمتخصصين والطلبة من داخل المغرب وخارجه، التعريف بتاريخ الطباعة المصحفية وجهود مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف في تسطير وتحبير المصاحف.
وبهذه المناسبة، قال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، إن من تجليات عناية المغرب بالمصحف الشريف، تميزه على المستوى الدولي، مستحضرا، في هذا الصدد، تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية، مؤخرا في الكويت، باعتباره أفضل جهة قرآنية في العالم الإسلامي.
واعتبر أن هذا التتويج يأتي تقديرا لجهود المغرب المتميزة في خدمة القرآن الكريم، نشرا وتعليما، مبرزا أن هذا التتويج يعكس الالتزام بتوجيهات أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس بإيلاء الأهمية الكبرى للعناية بالمصحف الشريف.
وسجل السيد التوفيق أن العناية بالمصحف الشريف، حفظا وكتابة، تتجلي كذلك في اهتمام المغاربة وإقبالهم على القرآن الكريم، مبرزا انتشار الكتاتيب القرآنية في كافة ربوع المملكة، وإقبال المستفيدين من برامج محو الأمية على حفظ القرآن وكتابته، وتشجيع القراء المتفوقين بتخصيص جوائز تحفيزية، فضلا عن طباعة نسخ للقرآن الكريم كل سنة تخص كل الفئات، وتشمل كذلك فئات ضعاف البصر وغير المبصرين.
من جانبه، استحضر مدير مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، عمر العمراوي، المكانة الخاصة التي ما فتئ يوليها المغاربة للقرآن الكريم على مر التاريخ، مستعرضا في ذات الصدد، فضائل القرآن الكريم باعتباره، بما يقتضيه ذلك من تدبر وتفكر في آياته ومعانيه، روحا وشفاء للأمة.
واعتبر السيد العمراوي أن مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف ومعهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية، ينظمان هذه الندوة تكريسا لواجبهما في خدمة القرآن الكريم، باعتبارهما دعامتين رئيسيتين من دعائم حفظ الذكر الحكيم بالمملكة، مسجلا أن المؤسستين تعملان على تحقيق ذلك من خلال العمل على حفظ القرآن الكريم في السطور عن طريق الرسم والنسخ والطبع والتوزيع، ثم حفظه في الصدور من خلال التعلم والتعليم والحفظ والتحفيظ.
بدوره، شدد مدير معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية، عبد الرحيم الأمين، على تجليات عناية المغاربة بالمصحف الشريف، مبرزا أن المكتبات تزخر بمصاحف مغربية عتيقة ذات خصوصية، لاسيما من حيث الرسم والضبط والزخرفة والخطوط المستعملة، وهي خصوصيات تقف شاهدة على التميز والتفرد المغربي في مجال الرسم والضبط، وعلى الجمالية والشكل.
وشدد على تضافر وتكامل جهود المؤسستين للاضطلاع بالدور المنوط بهما، إذ يعمل العلماء والباحثون من أهل الاختصاص في مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف على العناية بالمصاحف كتابة وتصحيحا وتحبيرا، بينما يتولى معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية مهمة تكوين العلماء المتخصصين في رسم المصاحف وتاريخها وكل ما يتعلق بعلومها، فضلا عن تعاون المؤسستين في المجال البحثي من خلال إنجاز دراسات بحثية حول تاريخ المصاحف وعلومها.
من جهته، قال الأستاذ بمعهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية، محمد البخاري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن تنظيم هذه الندوة العلمية الدولية يتوخى التعريف بالمصاحف من الناحية العلمية والفنية، معتبرا أنها تراث مادي كبير له قيمة هامة، وهي شاهدة على دخول الإسلام إلى المغرب وعلى تعلق المغاربة بكتاب الله.
وستتواصل أشغال هذا اللقاء العلمي بعقد جلسات علمية تتناول مواضيع، من قبيل، "المصحف الشريف في العهد العلوي المنيف: مدارسات في التاريخ والتعريف والأثر"، و"جهود مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف في تسطير المصاحف وتحبيرها"، و"من عيون مخطوط المصحف المغربي ونوادره: مباحثات في تاريخه ومعالم الصنعة فيه"، و"نواظر العلوم في ظواهر المرسوم: نماذج ومعارض.