وأبرز السيد الكثيري، في كلمة خلال هذا المهرجان الخطابي واللقاء التواصلي الذي نظمته المندوبية السامية تخليدا للذكرى الـ 49 للمسيرة الخضراء المظفرة، أنه على درب استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية المنشودة، انبثقت فكرة المسيرة الخضراء التي أبدعتها عبقرية جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه، كخيار حكيم وأسلوب سلمي وحضاري استثنائي يعكس إرادة ملك وشعب في الانتصار لقضية وطنية عادلة.
وذكر في هذا السياق، بأن المسيرة الخضراء-كحلقة في مسلسل التحرير- التي اضطلع بها جيل ما بعد الاستقلال في أواسط السبعينات شكلت حداً فاصلاً ومحطة مفصلية بين فترة الاحتلال الأجنبي والنفوذ الاستعماري لعمـق الجنوب المغربي وبيـــن عهد استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق حلم الوحدة الوطنية باسترجاع الأقاليم الجنوبية.
وأضاف أنها تعتبر ملحمة نضالية بكل المقاييس ومن روائع الكفاح الوطني التي تجسد إرادة الشعب المغربي في الانتصار مهما كان الثمن على الوجود الاستعماري وموقفه العنيد من مصير الأقاليم الجنوبية.
وسجل السيد الكثيري، أنه وكنموذج إبداعي للعبقرية المغربية، فقد اندرجت المسيرة الخضراء في سياق الميثاق الأممي الذي ينص صراحة على فض النزاعات الاقليمية والدولية بالطرق السلمية، درءاً لأي خطر على السلم والأمن الدوليين، ومن جانب آخر، في سياق العمل النضالي الذي حرك جماهير المتطوعين والمتطوعات وتعدادهم 350.000 من المغاربة ساروا في مسيرة القرن العشرين.
وذكر المندوب السامي بأنه في 6 نونبر 1975، انطلقت حشود المتطوعين بنظام وانضباط كبيرين في أجواء نالت إعجاب وتقدير المتتبعين والملاحظين والمراقبين الدوليين، مبرزا أن جموع الفاتحين كانت تحمل المصحف الكريم والأعلام الوطنية، وجهتها الأقاليم الجنوبية المغربية، لتقتحم الحدود الوهمية التي فرقتها لعدة عقود عن أهلها وذويها بهذه الربوع العزيزة المتشبثة على الدوام بهويتها المغربية ومقوماتها وثوابتها الوطنية والمتمسكة بروابط البيعة التي تجمعها بملوك الدوحة العلوية الشريفة.
وأضاف أن المسيرة الخضراء المظفرة جسدت التلاحم العضوي والعروة الوثقى التي تربط بين أبناء الشعب الواحد وعمق الانتماء الوطني الذي يشدهم. كما أبرز هذا الحدث التاريخي روح الغيرة الوطنية للمغاربة على مقدساتهم الدينية ومقوماتهم الحضارية والثقافية وثوابتهم الوطنية وإيمانهم الراسخ بعدالة القضية.
وتابع أنه بعد تحقيق الهدف المنشود، واسترجاع بلادنا لأقاليمها الجنوبية العزيزة من قبضة الاحتلال الأجنبي وإجلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية في 28 فبراير 1976 ليرفرف العلم المغربي في سماء عيون الساقية الحمراء ثم ليتحقق استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979، ويكتمل بذلك توحيد شمال المملكة بجنوبها من طنجة الى الكويرة، دخلت المملكة موحدة عهد البناء والنماء بالأقاليم الجنوبية التي تشهد منذ استعادتها طفرة تنموية نوعية ورائدة في البنى التحتية الأساسية وفي الميادين والمجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياحية والبيئية والبشرية.
وشدد المندوب السامي على أن مسيرات البناء والتشييد والتنمية الشاملة والمستدامة والدامجة وإرساء أسس دولة الحق والقانون والمؤسسات في العهد الزاهر لصاحب الجلالة الملك محمد السادس تتواصل لتحقيق أهداف التقدم والازدهار لأقاليمنا الجنوبية لتصبح أقطاباَ تنموية جهوية، وقاطرة للتنمية الشاملة والمتكاملة بكل أبعادها بأوراش العمل والمشاريع الاستثمارية التي تكرس النموذج التنموي الجديد والرائد في كافة المجالات.
وأضاف أنه يتواصل تعزيز ورش الجهوية الموسعة والمتقدمة التي أراد لها جلالة الملك أن تكون نقلة نوعية في مسار الديمقراطية الترابية، في أفق جعل الأقاليم الجنوبية نموذجا ناجحا للجهوية المتقدمة بما يؤهلها لممارسة صلاحيات واسعة، ويعزز تدبيرها الديمقراطي لشؤونها المحلية في سياق ترسيخ مسار ديمقراطي خلاق يؤمن إشعاعها كقطب اقتصادي وطني وصلة وصل بين المملكة المغربية والبلدان الأفريقية جنوب الصحراء، وبين دول الشمال والجنوب.
وأبرز السيد لكثيري أن تخليد ذكرى المسيرة الخضراء يشكل مناسبة لتجديد التأكيد على التعبئة المستمرة والتجند الموصول للشعب المغربي قاطبة وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل الترافع عن قضية الوحدة الترابية للمملكة.
وبمناسبة هذا المهرجان الخطابي تم تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير المنتمين لإقليم العيون، وتوزيع إعانات مالية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل وذوي حقوق المتوفين منهم.