وترأس وفد المملكة المغربية في هذا المؤتمر، علي ابن عيسى، سفير صاحب الجلالة بالكويت، وضم في عضويته على الخصوص عادل الزكاري عن وزارة الداخلية ومحمد برادة من سفارة المغرب بالكويت.
وتميز هذا المؤتمر، الذي افتتحت أشغاله بحضور ولي عهد دولة الكويت الشيخ صباح خالد الحمد الصباح ورئيس جمهورية طاجيكستان، إمام علي رحمان ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف، بمشاركة أكثر من 450 شخص من بينهم 33 وزيرا من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، إضافة إلى ممثلين عن الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة و 23 منظمة دولية و 13 منظمة من المجنمع المدني وممثلو السلك الديبلوماسي المعتمدة بالكويت.
وفي كلمته الموجهة للمؤتمر باسم المغرب، أشار السفير علي ابن عيسى إلى أن هذا الملتقى الدولي الهام يمثل خطوة جوهرية لتعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب وبناء آليات أمن حدود مرنة وفعالة، في ظل تنامي التهديدات الإرهابية ذات الطابع العابر للحدود، بحيث أصبح الإرهاب يشكل خطرا داهما ليس فقط على الدول المتضررة بشكل مباشر، بل يمتد ليهدد الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي.
وأضاف أن المجموعات الإرهابية تستغل في استراتيجياتها الجغرافيا المفتوحة وغياب المراقبة الحدودية الصارمة لتوسيع نشاطها ونقل العتاد والأشخاص وحتى الأفكار المتطرفة عبر الحدود، مما يزيد من صعوبة تعقبها والحد من خطرها، ويجعل من الإرهاب تحديا معقدا يحتاج إلى جهود مشتركة بين الدول لمواجهته بشكل فعال، نظرا لما يشكله من خطورة على الإستقرار على المستوى الإقليمي، وأثره على زعزعة الأمن وخلق بيئة غير مناسبة تعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفيما يخص الدول الإفريقية، أشار السيد ابن عيسى إلى أن الإرهاب يشكل تهديدا مستمرا يتطلب استجابات متكاملة، تجمع بين مكافحة الإرهاب وتعزيز التنمية واستقرار المجتمعات، بحيث يصبح التعاون بين الدول ضرورة لا غنى عنها ويتطلب إطارا تعاونيا قويا، يقوم على التنسيق المؤسسي وتبادل المعلومات والخبرات، من خلال استراتيجيات شاملة وموحدة تلبي احتياجات الدول وتستجيب لتحدياتها الفريدة، مؤكدا أن دعوة المغرب لتعزيز التعاون الإقليمي، المبني على إطار مؤسسي قوي، هي ضرورة ملحّة وليس فقط استجابة ظرفية.
وفي هذا الإطار، أضاف السفير أن المملكة المغربية، وبتوجيهات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تبنت نهجا متعدد الأبعاد لمكافحة الإرهاب، ينبني على مقاربة شمولية تدمج بشكل فعال بين المجهودات المؤسساتية والأمن والتنمية الاجتماعية والدينية، وهو ما يعكس وعيا عميقا بأن مكافحة الإرهاب تتطلب استجابة متعددة الطبقات من أجل بناء مجتمعات قادرة على الصمود، لافتا إلى أن المملكة المغربية أرست، من خلال استراتيجيتها الوطنية لمكافحة الإرهاب، ركائز قوية لدعم التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال، عبر محاور تشمل تعزيز الجاهزية، وتبادل المعلومات مع الشركاء الدوليين، والتنسيق مع الهيئات الأمنية الدولية، وتطوير استراتيجيات مرنة تتكيف مع التهديدات الناشئة.
كما أوضح السيد علي ابن عيسى بأن تعاون المغرب مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب من خلال مكتب البرنامج في الرباط، يشكل نموذجا ناجحا لتفعيل بناء القدرات في القارة الإفريقية، حيث يوفر منصة لتبادل الخبرات بين الدول الأفريقية بما يعزز من قدرتها على مواجهة التهديدات الإرهابية المشتركة، بحيث أطلقت المملكة المغربية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب "منصة مراكش لرؤساء وكالات الأمن ومكافحة الإرهاب في إفريقيا" سنة 2022، كفضاء سنوي لتقييم الإنجازات والاحتياجات وتبادل الخبرات وتعزيز التنسيق لمواجهة التهديدات الإرهابية العابرة للحدود على مستوى القارة. وهو ما يعكس حرص المملكة المغربية على وضع تحديات الدول الإفريقية في مجال مكافحة الإرهاب ومنع التطرف العنيف في صدارة اهتماماتها، وذلك وفي إطار رئاستها المشتركة لمجموعة التركيز لإفريقيا ضمن التحالف العالمي لهزيمة (داعش)، ورئاستها السابقة للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب.
ويعد المؤتمر، الرفيع المستوى الرابع حول تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب وبناء آليات مرنة لأمن الحدود، استمرارا لعملية دوشانبيه لمكافحة الإرهاب وتمويله التي أطلقتها طاجيكستان في سنة 2018.
وشكل المؤتمر فرصة لتبادل الخبرات والرؤى في مكافحة الإرهاب وتباحث في الدروس المستفادة من التحديات المشتركة ومناقشة سبل مواجهة التهديدات الناشئة عن الإرهاب وتبعاته وسبل تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في هذا الإطار.