تردده الدائم على موسم أصيلة، وإشرافه لسنوات على مشغلها في فن الحفر، جعل منه "معلما" لعدد من الفنانين، مغاربة وأجانب، الذين قدموا إلى المدينة الأطلسية بحثا عن الإبداع وعن تطوير ملكاتهم في هذه الفن، الذي كان موسم أصيلة بمثابة مدرسة حاضنة ثبتت وجوده بالمغرب.
وقد خصت مؤسسة منتدى أصيلة، مساء أمس الاثنين، الفنان الياباني بتكريم خاص نظير جهوده على مدى 45 سنة في تعليم تقنيات جديدة للفنانين المقيمين بمختلف دورات الموسم.
في كلمة بالمناسبة، أكد محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، أننا "نحتفي بقامة كبيرة من الفنانين الذين ساهموا وأنتجوا في مدينة أصيلة على مدى سنوات، هو صديقي الفنان أكيمي نوكوشي، وهو من اليابان ويعيش في فرنسا، منذ 18 سنة".
وتابع السيد بن عيسى "ربما، أكيمي قام بعمل لم يقم به أي فنان فرنسي خلال سنوات، إذ عمل عملا حفريا لعدد كبير من محطات الميترو بباريس، وهو سجل رائع، كما أن له قطع بعدد من متاحف العالم".
بخصوص مساهمة الفنان بموسم أصيلة، نوه الأمين العام بأنه "كان بأصيلة فنانا ومدرسة، وساهم في تقديم عدد من أساليب الحفر التي لم تكن معروفة لدى الفنانين الذين تعاقبوا على مشاغل أصيلة"، مبرزا أنه "علمهم شيئا جميلا، ألا وهو الصبر، وهي قيمة أسيوية، كيف يعمل الناس بصبر وتؤدة إلى أن يصلوا إلى الإبداع".
وقد سلم السيد بن عيسى لأكيمي نوكوشي مجسما مصغرا لعمل نحتي للفنان الراحل محمد المليحي مقام بأهم ساحات مدينة أصيلة ويعتبر رمزا لها.
بعبارة فرنسية من 4 كلمات وبصوت خفيض، قال أكيمي نوكوشي "شكرا جزيلا على التكريم"، قبل أن ينحني وفق التقاليد اليابانية العريقة عرفانا بالجميل، بحضور ثلة من الفنانين الذين تدربوا على يده على مختلف تقنيات الحفر.
في الدورة الصيفية الماضية لموسم أصيلة الخامس والأربعين، نظمت مؤسسة منتدى أصيلة معرضا تكريميا تحت شعار "مسارات متقاطعة" للفنانين مليكة أكزناي (المغرب) وأكيمي نوكوشي برواق المعارض في مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، وهو المعرض الذي لا زال متواصلا إلى غاية متم السنة الجارية.
وخلال الندوة التكريمية على هامش المعرض، والتي غاب عنها أكيمي نوكوشي حينها لدواع صحية، أبرز نقاد أن الفنان الياباني "يمتاز بحساسية خاصة في فن الحفر وله تقنيات من بين الأكثر تعقيدا ومخيلة مسكونة بالغيوم"، واصفين إياه ب "معلم الصبغة السوداء"، اللون الذي يطغى على أعماله.
وأشاروا إلى أن نوكوشي "فنان كبير مختص في الحفر، صامت صمت الموت، لا يتحدث أبدا حتى لا تكاد تسمع أنفاسه"، مبرزين أنه رائد في فن الحفر ليس في أصيلة فقط، بل في العالم، وأعماله في مجموعات عالمية وأماكن شتى.