ويندرج هذا الحفل، الذي نظمته الجمعية المغربية للموسيقى الأندلسية تحت شعار "التناغم بين التجديد والحفاظ في الموسيقى الأندلسية المغربية"، والذي يحتفي بثراء الموسيقى الأندلسية، في إطار المبادرات الرامية إلى الحفاظ على التراث الموسيقي المغربي وترويجه وإعادة تجديده وابتكاره.
ومنذ النغمات الأولى، اكتست هذه الأمسية الفنية مسحة من الحنين المؤثر، حيث أيقظت الألحان العريقة الذكريات الكامنة في قلوب الحاضرين، مع منحهم لمسة من الحداثة. ونجح بريول، وهو شخصية بارزة في مجال الموسيقى الأندلسية، رفقة مرحاتي، صاحبة الصوت المتميز، في أسر الجمهور بأداء فني راق تمتزج فيه التقاليد في انسجام تام مع العناصر الإبداعية المعاصرة.
ومن خلال أداء مقطوعات كلاسيكية من الخزانة الموسيقى الأندلسية، تم إغناؤها بلمسات من فن "الملحون" و"الشكوري"، تمكن الفنانان من إثارة الروح الجماعية للحاضرين، الذين استسلموا لقوة وعذوبة نغمات هذا السفر الموسيقي بين الماضي والحاضر.
هذا التأليف الموسيقي الذي أعاد الثنائي ابتكاره منح الجمهور عرضا فريدا، حيث اكتسى التراث رداء شبابيا جديدا بفضل أصوات وآلات موسيقية ومقطوعات مبتكرة.
وجسدت أجواء هذه الأمسية الفنية، الاحتفالية والروحانية، تواصلا حقيقيا بين الفنانين والجمهور، الذي حضر من مختلف الأعمار والآفاق، واستمتع بحماس واضح بكل قطعة موسيقية، حيث انخرط البعض منهم في الغناء وترديد المقاطع الخالدة، فيما حرص البعض الآخر على تتبع ومجاراة الإيقاعات من خلال التصفيق بالأيدي.
وأعربت سناء مرحاتي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن اعتزازها بتقاسم فقرات هذه الأمسية مع أيقونة فنية متميزة كالأستاذ بريول، الذي يعمل على النهوض بالتراث الموسيقي المغربي، مشيرة إلى أن الحفل يهدف إلى إبراز غنى الموسيقى المغربية.
وبالنسبة لفاطمة مبشور، الرئيسة المؤسسة للجمعية المغربية للموسيقى الأندلسية ، فإن هذا الحفل هو أكثر من مجرد عرض، بل يرمز إلى التآزر والتبادل بين الأجيال، وهو جوهر المهمة التي تسعى الجمعية إلى تحقيقها، أي الجمع بين الأساليب والأعمار والثقافات لجعل الموسيقى المغربية الأندلسية جسرا بين الأجيال.
وأضافت أن هذه الأمسية تندرج في إطار مهمة الجمعية التي التزمت، منذ إحداثها، بالحفاظ على التراث الموسيقي المغربي والترويج له من خلال مبادرات ثقافية تحتفي بأصالته وتنوعه، مؤكدة أن هذه التظاهرة الثقافية تثبت أن "التجديد" في الموسيقى الأندلسية لا يمكن أن يتحقق سوى باحترام أساسيات هذا الفن.
وأثبت بريول، بإتقانه واحترامه للجذور الموسيقية، ومرحاتي، بأدائها المفعم بالحيوية والأصالة، أنه من الممكن استدامة الموروث مع إعادة ابتكاره ليطرب مستمعين جدد. وقدم الفنانان، سويا، عرضا أصيلا بقدر ما هو أصلي، عبر إدماج العناصر الكلاسيكية والحديثة، وذلك في احترام عميق لجذور هذا الفن.
وتم تنظيم هذا الحفل الموسيقي بدعم من وزارة الشباب والثقافة والاتصال، وبشراكة مع شركة التنمية المحلية "الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات"، و" Wecasablanca".