وتسلط هذه القافلة الأندلسية، التي تنظمها "جمعية التنمية السياحية لآسفي وجهتها" بتعاون مع المديريتين الجهوية والإقليمية للثقافة بكل من مراكش وآسفي، الضوء على عمق الروابط الإنسانية والتاريخية والثقافية القائمة بين المغرب وإسبانيا والبرتغال.
وتأتي هذه التظاهرة، التي تتميز بمشاركة 20 شخصا من حفدة الأندلسيين الإسبان والبرتغاليين ومشاركة عدد من المهتمين بالتراث الأندلسي المشترك بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، في إطار إحياء الذكرى المئوية لزيارة "بلاس إنفانتي بيريث دي بارغاس" إلى المغرب، مقتفيا آثار العائلات الأندلسية وعدد من الشخصيات التي بصمت الحقبة الأندلسية وأهمها المعتمد بن عباد.
وهكذا كان موقع أغمات التاريخي أول الأمكنة التي اقتفى فيها المشاركون آثار الأندلس من خلال زيارة ضريح "أبو القاسم المعتمد على الله محمد بن عباد" (1040-1095 م).
ولإغناء هذه التجربة والتقرب أكثر من المسيرة المثيرة للملك الشاعر المعتمد بن عباد، انتقلت القافلة في الموقع ذاته إلى زيارة "بيت المعتمد"، وهو فضاء يعرض لوحات توضيحية متخيلة من إنجاز التشكيلي فوزي البصري والتي تلخص صفحة من صفحات تاريخ المغرب من خلال زمن المرابطين في الأندلس والوقوف عند أهم الأحداث التي عاشها المعتمد.
وبالمناسبة ألقى حفيد بلاس إنفانتي، أليخاندرو ديلماس إنفانتي، كلمة وقف من خلالها، وفي يده القرآن الكريم ذاته الذي حمله معه جده أثناء زيارته إلى المغرب سنة 1924 والساعة نفسها، عند الغايات الحضارية والثقافية النبيلة لهذه الزيارة النبيلة.
كما ألقى رائد الشعر البرتغالي الحديث، مانويل نيتو دوس سانتوس، في رحاب بيت المعتمد، قصيدة من ديوانه (ARBONAIDA OU AL-KADAR)، يناجي من خلالها الملك الشاعر الأندلسي ويواسيه في محنة انتقاله من المُلك بالأندلس إلى المنفى بأغمات حيث توفي سنة 1095.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح الكاتب العام لجمعية التنمية السياحية لآسفي وجهتها، سعيد شمسي، أن القافلة الأندلسية هي تظاهرة ثقافية وسياحية فريدة من نوعها، معتبرا أن "ما يجمعنا بأشقائنا الإسبان والبرتغاليين هو أكبر بكثير مما يفرقنا".
وأضاف أن القافلة تروم تسليط الضوء على الروابط الثقافية المتعلقة بالتراث، والتي يجسدها المعمار في العديد من المدن المغربية والبرتغالية والإسبانية واللباس والطبخ والغناء والموسيقى.
وفيما يتعلق بالجانب السياحي لهذه القافلة، قال السيد شمسي "نسعى إلى تطوير جانب آخر من السياحة؛ السياحة الثقافية عن طريق اقتراح مسار جديد أطلقنا عليه مسار المدن المغربية ذات الطابع الأندلسي، الذي يبتدأ من أغمات ويمر من مراكش وآسفي ثم إلى الرباط وسلا وفاس وشفشاون، على أن نضيف السنة القادمة تطوان وطنجة".
وأشار إلى أن إنفانتي، الذي زار قبر المعتمد ابن عباد سنة 1924، والتقى بأحفاده، ووثق إسلامه بجامعة القرويين بفاس العالمة على يد عدلين مغربيين، قطع المسار نفسه باحثا عن ملامح الحقبة الأندلسية ومحاولا تعزيز مد الجسور بين العائلات الأندلسية من الضفتين.
من جهته، أبرز أستاذ الهندسة السياحية والفاعل الجمعوي، أحمد الكسيري السباعي، في تصريح مماثل، أن القافلة تندرج في إطار تعزيز السياحة النشيطة، لا سيما وأن المغرب به العديد من الوجهات التي لها رمزيات ثقافية وحضارية كبيرة وجب استثمارها والتعريف بها.
ولفت إلى أن إنفانتي، الذي ألهم الجمعية لتصميم هذا المسار الثقافي والسياحي المهم، "كان واحدا من أشد المدافعين عن حرية المغرب، ودافع عن الأخوة واللغة العربية والإسلام وروابط الدم القائمة بين المغاربة والإسبان والبرتغاليين".
يشار إلى أن الجمعية من خلال البرنامج المتنوع لهذه التظاهرة تروم إطلاع المشاركين على غنى التراث الثقافي المغربي خصوصا في رافده الأندلسي.