فبعد إنشائها سنة 2015 بسعة أولية بلغت 25 مليون متر مكعب سنويا، تم سنة 2022 تنفيذ مشروع توسيع وزيادة إنتاجية هذه المنشأة، في إطار تسريع تنزيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل مواجهة إشكالية شح التساقطات المطرية.
وهمّ هذا المشروع توسعة أولية لمحطة التحلية بقدرة إنتاجية بلغت 15 مليون متر مكعب، ثم برنامجا استعجاليا بقدرة إنتاجية بلغت 45 مليون متر مكعب من الماء سنويا، منها 30 مليون متر مكعب مخصصة لمدينة الجديدة والمناطق المجاورة. وقد مكنت هذه القدرة الإضافية من تزويد مدينة الجديدة بالماء تدريجيا منذ نونبر 2023، وتغطية 100 في المائة من احتياجات المدينة من الماء ابتداء من فبراير 2024.
بالإضافة إلى ما تم تحقيقه، تسعى المحطة، التي تعتبر إحدى أهم محطات التحلية بالمغرب، إلى رفع تحديات جديدة بطموحات أكبر، من أجل المساهمة في مواجهة وضعية الإجهاد المائي بالمملكة من خلال استهداف إنتاج ما مجموعه 300 مليون متر مكعب من الماء، في أفق سنة 2026.
وفي هذا الإطار، قال المسؤول عن الإنتاج بمحطات تحلية مياه البحر "OCP GREEN WATER"، عثمان أبو سلهام، إنه بعد توالي سنوات الجفاف التي شهدتها المملكة، تم سنة 2022 العمل بشكل استعجالي على إنشاء محطات جديدة لتحلية مياه البحر من أجل مواجهة الخصاص في هذه المادة الحيوية.
وأوضح السيد أبو سلهام، في تصريح للصحافة خلال زيارة تفقدية لمحطة الجرف الأصفر، أن المكتب الشريف للفوسفاط، بشراكة مع وزارة الداخلية، وفي إطار مواكبة استراتيجية المملكة الرامية إلى مواجهة الإجهاد المائي، أنشأ شركة "OCP GREEN WATER"، التي تتكفل بمشاريع التحلية وتصفية المياه العادمة.
وأبرز أنه في إطار هذه الشراكة، تم تطوير مشروع أول يهم إنتاج 45 مليون متر مكعب بمحطة المعالجة بالجرف الأصفر، والذي تمثل هدفه الرئيسي في المرحلة الأولى في توفير نسبة مائة في المائة من استهلاك المركب الصناعي للجرف الأصفر من المياه غير التقليدية، مضيفا أن المرحلة الثانية همت تزويد مدينة الجديدة والمناطق المجاورة بما مجموعه 30 مليون متر مكعب من الماء سنويا لتغطية الحاجيات المائية لمدينة الجديدة بالكامل، بالإضافة إلى منطقة مولاي عبد الله وبعض المناطق المجاورة.
وأشار السيد أبو سلهام إلى أن عملية التوسيع والتطوير ما تزال متواصلة، مبرزا أنه يتم حاليا العمل على تطوير آليات وقدرات جديدة تهم تحلية ماء البحر لتزويد جنوب مدينة الدار البيضاء بسعة تبلغ 60 مليون متر مكعب سنويا.
وأوضح في هذا السياق، أن التحضيرات الخاصة بهذا المشروع الهام بدأت في أواخر سنة 2023، في حين انطلقت أشغال البناء في شهر أبريل من السنة الجارية، مبرزا أنه سيتم تزويد مدينة الدار البيضاء بالماء الشروب بطريقة تدريجية ابتداء من نهاية شهر شتنبر المقبل.
وبالموازاة مع ذلك، يضيف المسؤول، يتم حاليا إنجاز توسيعات جديدة تستهدف تزويد مناطق أخرى مثل مدينة خريبكة، التي سيبدأ تزويدها بالماء ابتداء من نهاية السنة الجارية.
وأشار إلى أن كافة هاته المشاريع تروم بلوغ قدرة سنوية من إنتاج المياه تبلغ 300 مليون متر مكعب في أفق 2026 بمحطة تحلية مياه البحر بالجرف الأصفر، مسجلا أن هذا الهدف يندرج في إطار الاستراتيجية العامة للمكتب الشريف للفوسفاط الهادفة إلى بلوغ 560 مليون متر مكعب سنويا موزعة بين الجرف الأصفر والمعامل المتواجدة بآسفي والمعامل المتواجدة بالمنطقة الجنوبية بمدينة العيون.
ولمواكبة أشغال التوسيع والتطوير التي تعرفها محطة تحلية مياه البحر بالجرف الأصفر، يتم حاليا العمل على إنجاز محطة للضخ بالجرف الأصفر، والتي ستمكن من تزويد محطتين للمعالجة، ويهم الأمر كلا من محطة المعالجة الدورات ومحطة المعالجة السيور.
وفي هذا السياق، أبرز حور زكرياء، مهندس بالمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لدكالة، الجهة المكلفة بتدبير محطة الضخ هاته، أن هذه الأخيرة التي توجد في طور الإنجاز حاليا، تهم مشروع نقل المياه المحلاة من محطة التحلية التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط بالجرف الأصفر نحو محطة المعالجة الدورات ومحطة المعالجة السيور.
وأوضح السيد حور، في تصريح مماثل، أن هذه المحطة تتكون من خمس مضخات ذات صبيب إجمالي يبلغ 2.2 متر مكعب في الثانية، مبرزا أنه في مرحلة أولى تندرج في إطار المخطط الاستعجالي، سيتم إعطاء انطلاقة تشغيل مضختين لتزويد جهة الدار البيضاء-سطات بصبيب إجمالي يبلغ حوالي 1000 لتر في الثانية، في شهر شتنبر القادم.
وتابع أن المرحلة الثانية من هذا المشروع، الذي أعطيت انطلاقة أشغال إنجازه في شهر ماي الماضي، ستهم تشغيل المضختين الثانيتين في شهر أكتوبر القادم، في حين أن المضخة الخامسة ستكون مضخة احتياطية.
وأوضح أنه بالإضافة إلى محطة الضخ، يتكون المشروع من أنبوب على طول 54 كيلومتر وقطر 1600 ملمتر، سيقوم بنقل المياه المحلاة، بالإضافة إلى قناة ربط بين محطة الدورات ومحطة السيور على طول 11.4 كيلومتر، وقطر يبلغ 800 ملمتر، مشيرا إلى أن قناة الربط هاته تم تشغيلها في يوليوز 2024، وتقوم الآن بضخ حوالي 44 ألف متر مكعب يوميا.
من جهة أخرى، وبعد أن أكد على أهمية الجهود المبذولة على المستوى الوطني في مجال البنيات التحتية لمواجهة ندرة المياه، شدد السيد حور على ضرورة مواكبة هذه المجهودات الهائلة باعتماد ممارسات يومية للحفاظ على الموارد المائية وترشيد استخدامها في كافة المجالات.
وأوضح أن الوضع الراهن يستدعي التزاما مواطنا متواصلا لتجنب التداعيات الناجمة عن التراجع الواضح للموارد المائية، معتبرا أن المسؤولية مشتركة والتحدي كبير، مما يتطلب تعبئة شاملة لترشيد استهلاك الماء باختلاف استخداماته.
تجدر الإشارة إلى أن المغرب، تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك، أطلق سلسلة من المشاريع الاستراتيجية والطموحة التي تروم ضمان الماء الشروب لجميع المواطنين وتوفير احتياجات السقي، منها الخصوص، مشروع نقل المياه بين الحوض المائي لسبو وحوض أبي رقراق، مما سيمكن من تأمين المياه الصالحة للشرب لحوالي 10 ملايين نسمة في جهتي الرباط -سلا -القنيطرة والدار البيضاء-سطات.
ويتعلق الأمر أيضا بإحداث تسع محطات جديدة لتحلية مياه البحر بقدرة إجمالية تصل إلى 202 مليون متر مكعب في السنة لضمان تزويد ساكنة عدة مدن، من بينها الجديدة، بالماء الصالح للشرب، وإطلاق أشغال ست محطات للتحلية بقدرة إجمالية تبلغ 360 مليون متر مكعب في السنة، لتأمين التزويد بالماء الشروب بالأساس على مستوى الدار البيضاء ومراكش وسيدي إفني والداخلة وسطات وبرشيد وخريبكة وبنجرير واليوسفية.