ويتضمن هذا الكتاب، وهو مهدى للمؤرخ ومدير مؤسسة أرشيف المغرب، جامع بيضا، وجاء في 400 صفحة من القطع المتوسط، وطبع بدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، مساهمات 44 باحثا، وصديقا، وزميلا وطالبا لجامع بيضا من المغرب والخارج.
وحسب تقديم الكتاب المعنون بـ"في الحاجة إلى ثقافة الاعتراف لتطوير المعرفة" يتعلق الأمر، بمقالات كتبت بثلاث لغات (الفرنسية، والإنجليزية، والإسبانية) غنية بالتعليقات، والصور، والوثائق التاريخية حيث يتفاعل "التاريخ مع الأرشيف والأدب والصحافة والمصادر في صيرورة إنتاج معرفة تضع نصب عينيها الحقيقة التاريخية".
وأبرز منسقا هذا العمل الأكاديمي، الطيب بياض، وعبد العزيز الطاهري، أن "البعد التفاعلي بين المفهومين، أي المعرفة والاعتراف، هو المقصود في هذا الكتاب والفكرة المؤسسة له، وفي إطاره تهدى أعماله للأستاذ والمؤرخ جامع بيضا".
وبلغ عدد مقالات هذا العمل 43 نصا، بالإضافة إلى سيرة للأستاذ جامع بيضا أعدتها لطيفة الكندوز، قسمت إلى خمسة محاور هي "الأرشيف ومصادر المؤرخ" و"التاريخ والصحافة"، و"الفترة الاستعمارية بالمغرب وما شهدته من متغيرات ومقاومات" و"الحق والهوية" و"المغرب والآخر".
وررغم تعدد المقاربات وتنوع المواضيع التي يتناولها هذا العمل، فإن المساهمات التي تضمنها هذا الكتاب انطلقت من هدف مشترك وخيط ناظم، هو تسليط الضوء على جوانب من تاريخ المغرب ما تزال بكرا، كما تضافرت في إنتاج معرفة متكاملة الجوانب والمضامين حيث "تشكل وحدة موضوع جماعه تفاعلات التاريخ مع الذاكرة والأرشيف والصحافة والهوية".
وأبرز منسقا العمل أنه تم التأكيد في مختلف المساهمات المتضمنة في هذا العمل على "تعدد مكونات الهوية المغربية"، فضلا عن إثارة قضايا تتعلق بإنصاف المضطهدين والأقليات والمهمشين والشباب والنساء، إلى غير ذلك من المواضيع.
وحسب منسقي العمل، يعد هذا الإصدار كتابا أكاديميا يقدم طبقا معرفيا شهيا حول حقب مختلف من تاريخ المغرب بأقلام باحثين ومؤرخين من خلفيات متعددة.
وأضافا أنه يتوخى أن يصبح الشكر والتقدير والعرفان "تقاليد راسخة في الأوساط الجامعية، وبين أصحاب حنطة التاريخ، خاصة أن من شأنها أن تعضد أواصر العلاقات الإنسانية والمهنية والعلمية بينهم".
وأوضح كل من الطيب بياض وعبد العزيز الطاهري، أن جامع بيضا، قام بدور مهم في تجديد الكتابة التاريخية المغربية، "وأسهم إلى جانب آخرين في ترسيخ مقاربات إستوغرافية منفتحة على العلوم الاجتماعية، وخاض غمار مواضيع تاريخية ظلت مهمشة ومسكوتا عنها إلى زمن قريب"، حيث "بدل جهودا كبيرة، منذ أن تولى باقتدار كبير إدارة مؤسسة أرشيف المغرب منذ تأسيسها سنة 2011، لحفظ الأرشيف المغربي وصيانته باعتباره ذاكرة المغرب وأداة رئيسية لكتابة تاريخه، ومظهرا أساسيا من مظاهر الدولة الحديثة".
وبدأ الأستاذ جامع بيضا حياته العملية في أكتوبر 1982 حين التحق بهيئة تدريس كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، و هو حاصل على شهادة دكتوراه الدولة سنة 1995 في موضوع "الصحافة الصادرة في المغرب باللغة الفرنسية منذ الأصول حتى 1995".
ويشغل السيد بيضا عضوية العديد من اللجان العلمية، من قبيل عضوية اللجنة العلمية للمكتبة الوطنية للمملكة، والمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، واللجنة العلمية للعلوم السياسية والاجتماعية منذ أول إصدار لها سنة 2010، بالإضافة إلى عضويته في هيئة تحرير مجلة "هسبريس تامودا" منذ سنة 1992، كما أنه شغل منصب رئيس الجمعية المغربية للبحث التاريخي ما بين 2001 و2007، قبل أن يعينه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، سنة 2011 مديرا لمؤسسة أرشيف المغرب.