وفي ما يلي نص الأمر اليومي :
"الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود،
نتوجه، في هذا اليوم الأغر الذي يوافق حلول الذكرى السابعة والستين لتأسيس القوات المسلحة الملكية، إليكم جميعا بأصدق التهاني المشفوعة بسابغ عطفنا ورضانا بهذه المناسبة السعيدة، معبرين لكم عن عميق ارتياحنا وكامل رضانا لما قدمتموه وتقدمونه من أعمال جليلة في سبيل الدفاع عن ثوابث الأمة ومقدساتها، ولما تتصفون به كما عهدناكم، من خصال الجندية والمواطنة الحقة المتأصلة في تاريخ الجندي المغربي الحافل بالأمجاد والبطولات.
وإن ما تضطلعون به من مهام، وما تتحلون به من صادق الإرادة ونكران الذات في الدفاع عن الوطن والذود عن وحدته الترابية وفاءا لقسم المسيرة، لمن دواعي اعتزازنا وافتخارنا بكم وبالأدوار الجليلة المنوطة بأفراد القوات المسلحة الملكية بمختلف مكوناتها البرية والجوية والبحرية والدرك الملكي، الساهرين ليل نهار على الوحدة الترابية للمملكة، المدافعين بكل عزم وصمود عن المقدسات الوطنية.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود،
إن القدرة على استشراف المستقبل وضرورة التأقلم مع مستجداته الطارئة وكذا القيام بمهام متعددة ومتنوعة في كل الظروف والأوقات، يستوجب، تنفيذا لأوامر جلالتنا، العمل المتواصل على تطوير منظومة التخطيط والقيادة مع تفعيل شبكة واسعة من وسائل الاتصال والمعلوماتية من أجل تنفيذ المهام الأساسية بانضباط واحترافية.
كما أن التحولات الجيوستراتيجية التي تشهدها الساحة الدولية تقتضي منكم، علاوة على اليقظة الدائمة والتكيف المستمر، مقاربة عقلانية، كيفا وكما، بغية تعزيز القدات الدفاعية والعملياتية واللوجيستيكية لقواتنا، فضلا على امتلاك الإمكانيات التقنية الحديثة في مجالات حساسة تشمل إدارة العمليات ونظم الدفاع والرصد والرقمنة، والتي تستوجب إعداد وتأهيل العنصر البشري لمواكبة التغيرات.
وفي هذا السياق، وعلاوة على برامج التطوير والبحث العلمي التي تم إطلاقها بشراكة مع الجامعات والمعاهد المغربية من أجل الانخراط في السيرورة التي يعرفها التطور الصناعي الوطني، أصدرنا أوامرنا السامية، بإنشاء المركز الملكي للدراسات وأبحاث الدفاع التابع للكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا، والذي أوكلنا إليه مهمة المساهمة في تكريس ثقافة المقاربة الاستراتيجية في التعامل مع إشكاليات وتحديات منظومة الدفاع والأمن، في أبعادها الشاملة، وخلق فضاء للكفاءات التحليلية المدنية والعسكرية.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود،
إن توجه جلالتنا الراسخ نحو إرساء قواعد الإخاء والتضامن والسلم، وجهويا وقاريا ودوليا، والذي يعتبر دافعا أساسيا في تقوية أواصر التعاون العسكري البيني ومتعدد الأطراف، مكن من نسج علاقات بنيوية قوية مع مختلف الشركاء والأصدقاء، ساهمت بشكل كبير في إثراء منظومتنا الدفاعية وتعزيز رصيد قواتنا المسلحة، كشريك موثوق به في استتاب الأمن ونشر قيم التسامح والسلام طبقا للمواثيق الدولية.
وسعيا من جلالتنا لتكريس وتعزيز هذا التوجه، واصلت القوات المسلحة الملكية انفتاحها على محيطها الخارجي، والذي يتجلى في تكثيف الشراكات مع جيوش الدول الصديقة والمشاركة الفعالة للبعثات المغربية في عمليات حفظ السلام، وتعزيز الدعم للدول الإفريقية الشقيقة في مجال التكوين والتدريب في معاهدنا ومدارسنا العسكرية.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود،
إن ما نلمسه فيكم على الدوام من ثبات راسخ وتجند دائم يزيد من إصرارنا على مواصلة الجهد والعمل من أجل تمكينكم من الوسائل الضرورية التي تعينكم على القيام بمهامكم المتعددة خير قيام. وهنا يجب التنويه بالمجهودات المحمودة التي تبذلونها بكامل مكوناتكم إلى جانب نظرائكم في الأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية والإدارات الترابية، في مجال تدبير الطوارئ والإنقاذ والتضامن الاجتماعي.
وإذ نحيي فيكم هذه الروح العالية من الانضباط والعزيمة والإصرار في كل تدخلاتكم الميدانية، لا يسعنا إلا أن ننوه كذلك بتعبئتكم المستمرة المواكبة لتكوين فوج جديد من المجندين والمجندات للخدمة العسكرية، التي توليها جلالتنا اهتماما خاصا من أجل إنجاحها وبلوغ مقاصدها العليا، حيث جندت لها القوات المسلحة الملكية، تنفيذا لتعليماتنا السامية، كل إمكانياتها وأطرها العسكرية، بشراكة فعالة مع الإدارات العمومية ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل.
ولقد حرصنا عند إعادة العمل بالخدمة العسكرية على أن يتلقى المجندون تكوينا يوازي بين الخبرة العسكرية الأساسية والتأهيل المهني، مما سيساعد في صقل قدراتهم التقنية والجسمانية والنفسية وكذا تأهيلهم لاستشراف المستقبل بأمل وثقة وانضباط، ليكونوا جديرين بالمشاركة الفعالة في نهضة الوطن الاقتصادية والاجتماعية.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود،
ككل سنة في هذه المناسبة الخالدة، نستحضر ذكرى الملاحم التاريخية التي خاضها أسلافنا المنعمون وأبطالنا المجاهدون، وفي مقدمتهم جدنا جلالة الملك محمد الخامس ووالدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني قدس الله روحيهما، وكذا شهداءنا الأبرار، الذين ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل حرية وعزة الوطن والذين لكم فيهم المثل الأعلى الذي يجب أن تستلهموا منه العبر وتستنيروا به وتسيروا على نهجه.
وفقكم الله جميعا، وسدد خطاكم، وكلل أعمالكم بالنجاح، وأبقاكم درعا واقيا وحصنا منيعا لوطننا، معتزين بقيمه العليا التي تأسست عليها أسرة القوات المسلحة الملكية، وبإخلاصكم الدائم لقائدكم الأعلى، متشبتين على الدوام بشعاركم المقدس الخالد: الله- الوطن - الملك".