وشكل هذا اللقاء مناسبة لتحديد هيكلة وبرمجة إحداث الكرسي العلمي حول الأدب الإفريقي، وهو المشروع الذي يهدف إلى تحسين نقل المعرفة وتعزيز البحث في مجال الآداب الإفريقية.
ومن أجل اتخاذ الإجراءات التنفيذية لهذا المشروع واستكمال هيكلته في أفق إطلاقه رسميا، وجهت أكاديمية المملكة المغربية الدعوة لعدد من الأدباء والشعراء لحضور هذا اللقاء بهدف إبراز تنوع ومميزات الأدب الإفريقي المكتوب باللغات الفرنسية والعربية والإنجليزية واللغات المحلية، وكذا الأدب الشفهي غير المدون.
وتناول الحاضرون إشكاليات هذا الأدب الذي يبقى غريبا في تربته، معتبرين أنه انتشر في الغرب وظل حبيس المكتبات العامة في البلدان الأوروبية والأمريكية دون أن يستهلكه المواطن الأفريقي.
وسجل عدد من الكتاب الحاضرين أن " ضعف شبكات النشر في القارة الإفريقية وسعت الهوة بين القراء والكتاب، انطلاقا من حاجز اقتصادي محض مرتبط بالقدرات الشرائية للأفارقة ".
ومن هذا المنطلق، ارتأت أكاديمية المملكة المغربية إعادة الحياة لهذا التراث من خلال مشروع كرسي الأدب الأفريقي عبر تقديم هذا الأدب وفقة رؤية إبداعية متقدمة تعتمد على دعم الكتاب الأفارقة وعرض أعمالهم ومشاركة المخيال الأدبي الأفريقي كما هو معبر عنه شفهيا.
وبهذه المناسبة، أشار أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، السيد عبد الجليل الحجمري، إلى أن إحداث كرسي الأدب الأفريقي ينسجم مع التوجه الجديد للأكاديمية في الانفتاح على مختلف الثقافات وإحداث كراسي أدبية، معتبرا أن هذه المؤسسة كانت فضاء لإلتقاء عدد كبير من الأدباء والكتاب والأكاديميين.
وأبرز السيد الحجمري أن هناك " نسخة جديدة " من الأكاديمية في طور التشكيل، لكي تكون، " مؤسسة منفتحة على جمهور واسع وتمثل المغرب المتنوع ".
وعن هذا اللقاء التمهيدي قبيل الانطلاق الرسمي لهذا الكرسي، الذي يعتبر الأول من نوعه بعد إعادة هيكلة الأكاديمية، قال السيد الحجمري .. " وجهنا الدعوة لعدد من المثقفين الأفارقة وغيرهم من المهتمين بالثقافة والأدب الإفريقي والمتابعين لتطوره، لمناقشة الأفكار والإمكانيات المتاحة والإضافات النوعية التي يمكن أن يضيفها إحداث هذا الكرسي".
وتابع أن هذا المشروع يمكنه أن يعرف الجمهور المغربي عن قرب من هذا الأدب، من خلال تنوعه بين المكتوب والشفهي، وهو الأدب الذي شكل على الدوام غنىً لإفريقيا.
أما منسق مشروع كرسي الأدب الافريقي، الكاتب الكاميروني أوجين إبودي، فقد استعرض مميزات الأدب الإفريقي، معتبرا إياه " أدبا غنيا "، لكنه " غير معروف ولا يستهلك بكثرة في إفريقيا ".
وسجل أن " التنوع اللغوي الذي كتب به هذا الأدب كان سيفا ذو حدين، حيث أنه استطاع الإنتشار في العالم الغربي ومكن كتابه من حصد جوائز أدبية مرموقة على غرار (نوبل) و(كونكور)، ومن جهة أخرى همش هذا الأدب اللغات المحلية، وبالتالي يشعر القارئ أنه أدب غريب عنه ".
وشدد على الغنى الثقافي والرأسمال البشري للقارة الإفريقية الذي ينبغي استغلاله بالشكل الأمثل، ومن هنا، يضيف الكاتب، "تسعى أكاديمية المملكة المغربية من خلال هذا الكرسي الى تعزيز هذا التنوع وتثمين الأدبين المكتوب والشفهي من أجل تحرير العقول " حسب تعبيره.
بدورها، استعرضت منسقة مشروع "كرسي الأدب الإفريقي" وعضو خلية التفكير، ربيعة مرهوش، "الإشكاليات الأساسية التي تعيق انتشار الأدب الإفريقي في محيطه"، داعية في هذا الإطار إلى ضرورة " أن يأخذ هذا الأدب جيناته الخاصة ".
وأضافت أنه " من خلال هذا الكرسي تعتزم الأكاديمية إغناء البحوث العلمية وخلق نقاشات هادفة تعطي لهذا الأدب حقه". لافتة إلى أنه "يمكن لجمهور واسع أن يتابع برامجها ولقاءاتها حول الأدب الأفريقي"، وهو ما من شأنه أن يمنحه انتشارا واسعا.
كما استعرضت في معرض حديثها، البرامج المتوقع إحداثها من خلال هذا الكرسي، والتي تتعلق برؤية "فنية للتراث الشفهي الإفريقي"، وكذا "لقاءات أدبية ينشطها أدباء وكتاب أفارقة". مبرزة أن هذا المشروع سيكون فرصة لإبراز القيم الفنية والأدبية للبلدان الإفريقية.
يشار إلى أن برنامج هذا النقاش حول كرسي الأدب الأفريقي، يمتد على مدى يومين، تتخلله لقاءات ومحاضرات وتنسيق للرؤى وتبادل للأفكار حول هذا المشروع وسبل انجاحه.