وأوضح المشاركون في الندوة، التي نظمها متحف بنك المغرب تحت عنوان "سجلماسة، حاضرة تجارية ومركز نقدي متميز"، أن هذه المدينة العريقة لعبت دورا أساسيا في تجارة الذهب بين إفريقيا جنوب الصحراء وحوض المتوسط خلال العصر الوسيط، مضيفين أن وجودها المتواتر في التاريخ الوسيط والحديث هو انعكاس منطقي لأهميتها ومكانتها في التجارة العابرة للقارات طيلة هذه الفترات.
وفي هذا السياق، قال الأستاذ الفخري بجامعة كليمسون بولاية كارولاينا الجنوبية، والمؤلف المشارك لكتاب "سجلماسة ومصيرها الصحراوي"، جيمس ميلير، إن مدينة سجلماسة تشكل شهادة أثرية على تاريخ المغرب والمغرب الكبير منذ تأسيسها عام 757 م، مبرزا أنها على عكس مدينة فاس، فموقعها المكشوف يتيح بسهولة القيام بالأبحاث الأثرية.
وبعد أن أشار إلى أن سجلماسة تعتبر من أقدم المدن الاسلامية في المغرب، أكد ميلير أن سجلماسة ساهمت في تعزيز العلاقة التاريخية بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء.
من جانبه شدد الأستاذ بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، عبد الله فيلي، على الاهمية التي تكتسيها دراسة تاريخ مدينة سجلماسة باعتبارها ملتقى للمبادلات التجارية بين إفريقيا جنوب الصحراء وحوض المتوسط.
من جهته، قال أستاذ التاريخ والآثار بجامعة ابن زهر بأكادير، محمد الحضري، إنه في التاريخ النقدي للغرب الإسلامي تعتبر ورشة سجلماسة واحدة من أكثر الورشات نشاطا خلال القرون الأولى للإسلام في المغرب، مضيفا أن موقعها الإستراتيجي على أحد طرق تجارة القوافل الرئيسية مع إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى كان يشجع على نشاط سك النقود المستمر عبر تاريخ المغرب.
وسجل أن المشاركة النشطة للمدينة في تجارة الذهب، من خلال استيراد الذهب من بلاد السودان جعلت هذا المعدن، في فترات معينة، المعدن الرئيسي الذي تصنع منه العملة، مؤكدا أن الإصدارات النقدية الأولى لسجلماسة كانت على شكل دينار (عملات ذهبية) وهي تعود إلى زمن إمارة بني مدرار، مؤسسي المدينة.
جدير بالذكر أن هذه الندوة نظمت على هامش المعرض المؤقت "سجلماسة، ملتقى الحضارات والتجارة" الذي ينظمه متحف بنك المغرب بالرباط، في الفترة الممتدة من 23 دجنبر 2021 إلى 30 ماي 2022، ويهدف إلى الغوص بزائري المتحف في تاريخ سجلماسة المجيد، لاكتشاف خصوصيتها الجغرافية وهندستها المعمارية وكذا تاريخها.