وقال السيد أخنوش، في معرض رده على سؤال محوري حول "الإشعاع الثقافي الوطني ودعم الاقتصاديات الثقافية" خلال جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة حول السياسة العامة بمجلس النواب، إنه سيتم في إطار نفس الإستراتيجية، خلال الأيام القادمة، تنزيل مجموعة من الإجراءات الواقعية الرامية إلى ضمان الحقوق الثقافية لكل المواطنين، وتعزيز المشاركة الفعلية للشباب والأطفال والنساء والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة في الممارسات الثقافية، وبناء أسس العيش المشترك والتطور المجتمعي.
وأشار إلى أن من ضمن هذه الإجراءات إحداث علامة "تميز" لمختلف مكونات التراث الثقافي الوطني، فضلا عن علامة تميز تحت إسم "متحف المغرب" تمنحها المؤسسة الوطنية للمتاحف لأصحاب المتاحف الخاصة وفق دفتر تحملات، مضيفا أن الحصول على هذه العلامة يخول الاستفادة من إعانات مالية تمنحها الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية، وعلى الدعم العلمي والتقني للمؤسسة الوطنية للمتاحف، وإمكانية إدراج المتحف المعني ضمن المسارات السياحية المبرمجة لفائدة السياح، كما يمكن، على ضوء الحصول على هذه العلامة، اقتراح ترتيب المتحف ضمن التراث الثقافي الوطني أو الدولي، وكذا إمكانية الاستفادة من نظام جبائي تحفيزي.
ومن ضمن الإجراءات أيضا، يقول رئيس الحكومة، تعزيز البنية التحتية الثقافية وتقليص الفوارق المجالية على مستوى تغطية التراب الوطني بمؤسسات القرب الثقافي وتنويع العرض الثقافي، وتطوير اقتصاديات الثقافة في مجالات الإبداع والفنون والتراث بتنسيق مع الشركاء الوطنيين والدوليين، وتشجيع المهن الجديدة التي تمكن من تشغيل الشباب في كل المجالات الثقافية، بتعاون مع مختلف الفرقاء، وذلك من خلال دعم الصناعات الثقافية في مجالات المسرح والكتاب والنشر والموسيقى والفنون الكوريغرافية والفنون التشكيلية والبصرية والجمعيات الثقافية والمهرجانات والتظاهرات، مع إطلاق مبادرات تهدف إلى خلق مناصب شغل للشباب، عبر إحداث شراكات بين المراكز الثقافية ودور الشباب التابعة للوزارة والشباب حاملي المشاريع الثقافية عبر البرنامجين الحكوميين "أوراش" و"فرصة".
وتابع أنه سيتم كذلك تنظيم تظاهرة مسرحية سنوية تحت شعار "المسرح يتحرك"، تهدف إلى تصوير ستين (60) عملا مسرحيا واقتناء حقوق بثها عبر قنوات الشركة الوطنية وعبر المنصة الرقمية لقطاع الثقافة.
وفي إطار الورش الوطني المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية لمختلف فئات الشعب المغربي، أبرز السيد أخنوش، أنه يتم العمل حاليا على استكمال إجراءات الحماية الاجتماعية للفنانين، حيث يجري إعداد المرسوم المتعلق بتمكين فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا فيما يتعلق بالمهن الفنية من الاستفادة من الحماية الاجتماعية، مشيرا إلى أنه يتم أيضا إعداد مشروع قانون لإحداث وتنظيم مؤسسة لرعاية الفنانين والمبدعين المغاربة يشرف عليها الوزير ﺗتمتع ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ واﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﻤﺎﻟﻲ، وتهدف إلى اﻟﻨﻬﻮض ﺑﺎﻷوﺿﺎع اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻤﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻔﻨﺎﻧﻴﻦ واﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ وتكريمهم واﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﻬﻢ واﻹﺷﺎدة واﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺈﻧﺠﺎزاﺗﻬﻢ، وﺗﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻔﺎﺋﺪﺗﻬﻢ وﻟﻔﺎﺋﺪة ذوي ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ، وﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻤﻦ ﻫﻢ ﻓﻲ وﺿﻌﻴﺔ ﻫﺸﺎﺷﺔ، مع اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ اﻟﺘﻮازن ﺑﻴﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﻻﻋﺘﺒﺎري واﻟﻮﺿﻊ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻤﺒﺪع واﻟﻤﺜﻘﻒ.
واعتبارا للدور الذي تلعبه الديبلوماسية الثقافية في تسويق صورة المغرب عالميا، يقول السيد أخنوش، فإن الحكومة ستعمل وفق التوجيهات الملكية على تقوية العمل الرامي إلى ضمان الترويج للنموذج المغربي، الذي يستمد قوته وغناه من الإصلاحات الديمقراطية العميقة التي تعرفها المملكة بقيادة جلالة الملك، والتعريف بالأوراش التنموية الكبرى التي يشهدها المغرب في كل المجالات، ولا سيما مجال التنمية البشرية وتطوير السياحة والتنمية المستدامة والطاقات المتجددة.
وأضاف أن الحكومة ستسعى لتقوية حضور الثقافة المغربية وراء الحدود؛ وهو ما يحتاج إلى استغلال كل الفرص والمؤهلات التي تتوفر عليها المملكة، بدءا من تعزيز أدوار الجالية المغربية بالخارج، بالإضافة إلى دعم أدوار المؤسسات والهيئات الرسمية الممثلة لها وجمعيات المجتمع المدني للمغاربة بمختلف المدن العالمية، لضمان المزيد من الإشعاع للثقافة المغربية في الخارج وعكس مظاهر التعدد والتنوع التي تطبع الثقافة والمجتمع المغربي.
وعلى صعيد آخر، أكد السيد أخنوش على مواصلة الحكومة تنزيل مقتضيات القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، قصد منح المكانة اللائقة للغة والثقافة الأمازيغية، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، وترسيم إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية.
وشكلت هذه الجلسة مناسبة لرئيس الحكومة للتأكيد على أن ثمين الرأسمال الثقافي رهين كذلك بتطوير الكتاب المغربي، وإيلاءه المزيد من الاهتمام باعتباره أحد الركائز الأساسية لإبراز الإشعاع الثقافي للمملكة، مشيرا أيضا إلى أنه لا يمكن الحديث عن سياسة ثقافية دون الحديث عن السينما ومساهمتها في رسم الصورة الذهنية اتجاه تراث وحضارة وثراء الثقافة المغربية.
وأكد عزم الحكومة على إعطاء نفس جديد للمجال الثقافي والإبداعي، وإحياء مقومات الإبداع الفني، من خلال العمل على مواكبة سياسة افتتاح المسارح الكبرى التي يشرف عليها جلالة الملك، مشيرا في نفس السياق، إلى اشتغال الحكومة حاليا على تصور جديد وطموح لإحداث مسارح جهوية وإقليمية وفتح قاعات سينمائية لتعزيز العدالة المجالية فيما يخص البنيات التحتية للعرض المسرحي والسينمائي بالبلاد، وذلك من خلال استغلال 150 من دور الشباب ودور الثقافة.
وخلص إلى أن الحكومة تتوفر على إرادة سياسية كافية ورغبة جامحة وقوة اقتراحية، لجعل الثقافة عنصرا محوريا في قلب كل السياسات العمومية، حرصا منها على إعلاء قيم الانتماء للوطن وتثمين اللغات الوطنية والذاكرة الثقافية المشتركة والوفاء للإبداع المغربي، وذلك بإنتاج شروط تطويرها في تكامل بين ما هو مؤسسي - بنيوي، وما هو تشريعي - تدبيري، بما سيكفل تعزيز دور الثقافة في الحياة المجتمعية للمغاربة، وترسيخ مكانة المغرب كموطن للتعايش والتسامح وتلاقح الحضارات والثقافات، ذلك أن الموروث الثقافي ومكونات الهوية الوطنية جعلت على الدوام من المملكة المغربية منارة حضارية وثقافية متفردة ومتميزة في محيطها العربي، والافريقي والمتوسطي.