ويعد هذا الكتاب سيرة ذاتية للدكتور عباس الجراري، في جزئها الأول، حيث خصص لمحور نشأة الكاتب، وحياته الشخصية والأكاديمية. وكذا لمشروعه الثقافي، المتمثل في النادي الأدبي الجراري، الذي يخلد الذكرى التسعين لتأسيسه.
وقد شهد هذا اللقاء، الذي حضرته ثلة من الباحثين والأكاديميين والمهتمين بالشأن الثقافي، قراءات علمية قدمتها نورة الغزالي، أساتذة بكلية الاداب -جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، ومصطفى الجوهري، أستاذ بالمدرسة العليا التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، والباحث محمد لملاحي، تطرقت لحيثيات الكتاب ومقاربات الكتابة لدى الدكتور عباس الجراري، لتقريب القارئ أكثر من الأديب الملقب بعميد الأدب المغربي.
ومن بين هذه المقاربات، حسب هذه القراءات، نجد مقاربة السيرة الذاتية، التي تتأسس، حسب منظور عباس الجراري، على التعريف الشخصي الذي أصبح اليوم مطلبا من كل فرد، بدءا مما تتضمنه بطاقته الوطنية، إلى ما يضطر للإضافة إليها من معلومات، لمزيد من التعريف بنفسه في مشواره في الحياة.
وأجمعت هذه القراءات على أن الكاتب عباس الجراري يعالج عناصر الحياة بمنهجية حداثية مواكبة لاستقلاله الذاتي، للإحاطة بالناس والأشخاص، والعلاقات بالمواقف والأحداث، وهو ما يمكن استخلاصه من هذا الكتاب.
كما استنبطت أن هذا الأديب المغربي اتبع منهجية جديدة اعتمدها بشروط ذاتية، تبدو مخالفة لما هو متداول، يمكن تلخيصها في خصال مثل التواضع والوفاء وإظهار نعم الله، وتبسيط العلاقة مع الناس والحكمة في اتخاذ الرأي، والجرأة.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أعرب عباس الجراري، عن سعادته بهذا اللقاء الأكاديمي، "للاستماع لقراءة بعض الأساتذة لهذا الكتاب، الذي جعلته كخلاصة لتجربتي ولو كان ذلك في جزء أول، الذي ستعقبه أجزاء أخرى لاستكمال المسيرة".
وبخصوص المشروع الثقافي للكاتب، وهو النادي الأدبي الجراري، قال الكاتب المغربي إنه "مشروع قائم منذ 1930، ونحن نحتفي بالذكرى التسعين لتأسيسه، وبمناسبة هذه الذكرى قمنا بنشاط ثقافي نشرنا بموجبه نحو 25 كتاب، من مختلف التخصصات، بشراكة مجموعة من الزملاء الأكاديميين والجامعيين، هو عمل نرجو أن يحظى بالقبول".
من جهته، قال محمد الفران، مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، في تصريح مماثل، إن الكاتب عباس الجراري رصد من خلال هذا الكتاب "وجهة نظره وآراءه إزاء الأحداث التاريخية التي عاشها المغرب، وكذا مساره العلمي والفكري، وعلاقاته بشخصيات أخرى سواء داخل المغرب أو خارجه".
وأضاف أن هذه المناسبة الأدبية تأتي في إطار سلسلة من قراءات الكتب والسير الذاتية، التي تحتضنها المكتبة الوطنية، مضيفا أنه "سنحاول مستقبلا دعوة وتقديم سير ذاتية أخرى لشخصيات فكرية وثقافية وسياسية خلقت نقاشا عموميا لحظة صدورها، ووجهات نظرها في الأحداث وظروف الزمن الراهن".
بدوره ، قال محمد احميدة، أستاذ جامعي وعضو النادي الأدبي الجراري، إن كتاب "رحيق العمر" إصدار مميز وسيرة ذاتية ألح عليها كثير من المثقفين المغاربة لكي ترى النور، مشيرا أن الكاتب "وعد بجزء ثان وثالث يضم مجموعة من الوثائق التي تثبت الكثير من الحقائق التي وردت في هذا الجزء الأول".
وللأستاذ الجراري، المزداد بمدينة الرباط سنة 1937، مؤلفات وبحوث عديدة تتناول التراث العربي والفكر الإسلامي وقضايا ثقافية مختلفة، منها على الخصوص "الحرية والأدب"، و"الثقافة في معركة التغيير"، و"موشحات مغربية"، و"ثقافة الصحراء".