وأوضح بلاغ مشترك أن "مؤسسة وسيط المملكة واللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي تتداولان منذ عدة أسابيع حول الآثار المترتبة عن استعمال المنصات التجارية العالمية لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين".
وأبرز أنه على إثر ما تتيحه الأخبار المتوفرة، على نطاق واسع، من معلومات حول GAFAM / BATX، وحول وضعية المنصات التجارية الرقمية الدولية، وعلاقتها بالحياة اليومية للمواطنين، والتي قد تصل في بعض الأحيان، حد التدخل في صلاحيات الجماعات والدول.
واعتبارا لمختلف المبادرات والتدابير الرامية إلى تعميق التفكير داخل المجموعات الاقتصادية والجيوسياسية الرئيسية لفهم التوازنات التي يجب إرساؤها مع هذه المنصات، والتي تجعل بلدنا، بشكل طبيعي وواضح، في صلب هذه التساؤلات، التي أصبحت تكتسي طابعا عالميا، لا سيما في سياق تفاعلات اقتصادنا الرقمي مع المجموعات الإقليمية.
فإن كلا من مؤسسة وسيط المملكة واللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي أبدتا اهتمامهما بهذه الإشكالية، وذلك في إطار مهام المؤسسة المتعلقة بالدفاع عن الحقوق، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون، وضمان جودة وملاءمة الخدمات التي يقدمها المرفق العام مع انتظارات المواطنين.
أما بالنسبة للجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، فيأتي هذا الاهتمام في إطار اختصاصاتها المتعلقة بمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وإرساء الثقة الرقمية وحماية المواطنين داخل المنظومة الرقمية.
فالتحول الرقمي، يؤكد البلاغ، أصبح حقيقة حتمية في تشكل العلاقة بين المرتفق والإدارة العمومية. وهو التحول الذي يثير مجموعة من التساؤلات حول التحديات المرتبطة باستخدام الإدارات العمومية، في خدماتها الارتفاقية، للمنصات التجارية الرقمية الدولية.
وأشار بهذا الخصوص إلى تأثير استخدام هذه المنصات على فكرة السيادة الوطنية في ما يخص الأداء الارتفاقي في عمل الإدارة العمومية، وتأثير استخدام هذه المنصات على استدامة الخدمات العمومية، ما دامت هذه الخدمات تبقى رهينة إرادة الجهة المسؤولة/المتحكمة في هذه المنصات.
كما يتعلق الأمر بضمانات الحفاظ على الخصوصية والسرية المرتبطين ببعض الخدمات المقدمة للمرتفقين عبر هذه المنصات-في إطار- الإدارة الرقمية، وعلاقة ذلك بإرساء الثقة في أداء الإدارة، ومفهوم جودة الخدمات العمومية في ظل غياب "مبدأ الرقابة" الواجب تطبيقه على آليات وكيفيات اشتغال هذه المنصات.
هذا إضافة إلى حدود الحماية القانونية والتشريعية المفروضة للمرتفق في علاقاته مع الإدارة العمومية الوطنية حينما يتعلق الأمر بـ " وسيط" عابر للحدود، وضعف الموقف التفاوضي للإدارة العمومية في مواجهة هذه المنصات، في ظل ما يمكن وصفه بالهشاشة الرقمية.
وانطلاقا مما سبق، تشرع المؤسستان المذكورتان أعلاه في عقد مشاورات مشتركة من أجل فهم انتظارات مختلف الفاعلين داخل المجتمع، والإكراهات التي يواجهونها، بفعل حتمية التحول الرقمي ومتطلباته الضرورية واللازمة، وذلك بهدف التوصل إلى صيغة توافقية حول وضع مقبول وممكن لهذه المنصات الدولية.
وستهم هذه المشاورات، أساسا، الفاعلين في القطاع العام، والفاعلين الاقتصاديين، وصناديق الاستثمار، وصناديق الضمان، والشركات الكبرى والمتوسطة والصغيرة، والشركات الناشئة والشباب حاملي المشاريع المبتكرة، والمسؤولين الحزبيين والنقابيين، والمجتمع المدني ورؤساء الجمعيات، وخبراء محليين ودوليين، والمنظمات والشركاء الدوليين.
وتهدف بالخصوص إلى حصر مكونات الخدمة الرقمية المسؤولة لصالح المواطنين والاقتصاد والمجتمع، وتحليل إيجابيات وسلبيات استخدام المنصات الرقمية التجارية، وتحديد الإطار القانوني الملائم لتحقيق أقصى استفادة من المساهمات المبتكرة لهذه المنصات التجارية، بالإضافة إلى تلك المتعلقة بمنظومتها الخاصة.
كما تروم تجميع الأفكار والمقترحات ذات الصلة الكفيلة بتعزيز الثقة الرقمية في الخدمات الرقمية الأساسية (العامة أو الخاصة) المقدمة للمواطنين ومدى انسجام صلاحيات وتدخلات الدولة في هذا المجال، وتحديد الخطوات الدولية الناشئة التي تهدف إلى جعل التكنولوجيا الرقمية حقا عالميا، علاوة على وضع خطة عمل لضمان حماية المواطنين ضمن المنظومة الرقمية.
وسيتم دعوة مختلف الجهات الفاعلة للمساهمة في جلسات عمل حول هذا الموضوع، وبعد التشاور، ستتم صياغة توصيات عملية بحلول نهاية الفصل الأول من سنة 2022.