وقال السيد حاجي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، "نفهم من صياغة التقرير أن الأمر جلَل، وأن المطلوب هو إعادة صياغة للعلاقة بين الدولة والمجتمع، فاللجنة الساهرة على إعداد التقرير تدعو إلى «تبني توجه تنظيمي جديد يكرس التكامل بين دولة قوية ومجتمع قوي»".
وأوضح المفكر المغربي أن "هذه الدعوة تفيد بأن الواقع الحالي يشهد تنافرا بين دولة قوية ومجتمع ضعيف، ويزكي هذا الفهم ما ورد في التقرير من توضيح بأن المطلوب ليس هو حضور أقل للدولة، بل دولة قوية تملك القدرة على التوجيه والتدبير وحسن الإدارة"، مبرزا أنه متى كانت الدولة بهذه المواصفات صار بمقدورها انتشال المجتمع من وضع الهشاشة وتحقيق الرفاه للجميع، عوض أن تظل الدولة مجرد أداة لتحقيق الرفاه للأقلية.
واعتبر أن أهم ما جاء في تقرير اللجنة هو الدعوة إلى توجه تنظيمي جديد يكرس التكامل بين دولة قوية ومجتمع قوي، لافتا إلى أن الساهرين على إعداد التقرير على وعي بأن تحقيق هذا التكامل يقتضي تعبئة الحس الوطني واستدعاء التاريخ والهوية واستنهاض الوازع الأخلاقي واستحضار الوعي بطبيعة الواقع الكوني.
و"الحاصل أن الوعي بأهمية هذه الأمور مجتمعة وضرورة توفرها شرطا لتحقق نموذج تنموي جديد، هو وعي دقيق بطبيعة التحدي الذي يجابه المجتمع المغربي اليوم"، يوضح المفكر المغربي، مستدركا "أنه ومع دقة التشخيص، هناك ما يدعو إلى الحيطة والحذر من أن يتحول الحديث عن وضع استراتيجية للتنمية إلى ما يشبه أحاديث أصحاب مشاريع النهوض الفكرية الذين ظلوا على امتداد ما يفوق قرن من الزمن يفسرون أسباب السقوط ويعينون سبل النهوض".
وتابع "إذا كان الساهرون على بلورة نموذج التنمية الجديد يعون مواطن الفصل والوصل بين الرؤية الاستراتيجية التنموية والسياسات العمومية، فإنهم، بالمقابل، ينزعون نحو الدمج بين مشروع النهوض الفكري، الذي هو منوط بالنخب المفكرة، وبين استراتيجية التنمية التي هي منوطة بمن يسهر على تنفيذها ويتحمل مسؤولية نجاحها أو فشلها"، مؤكدا أن "التقرير يضعنا أمام مفترق طرق؛ فإما أن يسلك بنا طريق الجدل الإيديولوجي حول أسباب الفشل وسبل النجاح؛ أو أن يحدد المسؤولية وراء إفشال أو إنجاح استراتيجية النموذج التنموي الجديد".
ولم يفت السيد حاجي التنويه بهذا التقرير، قائلا إن "من يقرأ النموذج التنموي الجديد، الذي قدمته اللجنة الخاصة للنموذج التنموي أمام جلالة الملك محمد السادس، لا يملك إلا أن ينوه بالجهد الذي بُذِل في إنجازه وأن يُثمِّن ما جاء فيه من ملاحظات قيمة متعلقة بالواقع المغربي وما يعتريه من مشاكل وما يختصم داخله من عزائم".
وأضاف "يكفي الساهرين على إنجازه نزاهة أنهم اختاروا للتقرير حول النموذج عنوانا فرعيا يجلي بوضوح تام الحاجة التي أملت الاشتغال عليه، حيث ورد في هذا العنوان ما يلي: «تحرير الطاقات واستعادة الثقة لتسريع وتيرة التقدم وتحقيق الرفاه للجميع»؛ مبرزا "نفهم من هذا أننا أمام وضع متأزم تُكبَّل فيه الطاقات وتُفتقد فيه الثقة، مما يبطئ وتيرة التقدم ويمنع تحقق الرفاه للجميع".
وخلص إلى أن الساهرين على إنجاز التقرير سعوا إلى بلورة استراتيجية تُمكِّن من تحرير الطاقات واستعادة الثقة، ذلك أن الأمر، بحسبهم، لا يتعلق ببرنامج حكومي ظرفي، بل بالبحث الجاد عن سبل الخروج من وضع هو أشبه بما يسميه العلامة بن خلدون بـ "نقطة وقوف في تاريخ الأمم".