وأوضح بلاغ للمركز أن هذه الوثيقة المرجعية، التي تقع في نحو 300 صفحة، صدرت الخميس الماضي، بمشاركة 22 كاتبا من جنوب الأطلسي، وهي متاحة الآن على موقع "أمازون"، مضيفا أن هذا التقرير الذي يتكون من 17 فصلا ينسجم تماما مع مؤتمر "الحوارات الأطلسية" الذي جرى في شهري نونبر ودجنبر 2020 على شكل ندوات رقمية نظرا لتداعيات جائحة كورونا.
وفي توطئة الكتاب، قالت النيجرية أوبياغيلي إيزيكويسيلي، وهي إحدى مؤسسات منظمة الشفافية الدولية ومستشارة اقتصادية لدى المبادرة من أجل التنمية الاقتصادية في أفريقيا، "حان وقت امتلاك إفريقيا لأفكار كبرى، في حقبة هذا الوضع الاعتيادي الجديد المفروض عليها بسبب كوفيد-19، وذلك دون السقوط في فخ التشاؤم رغم الانكماش الاقتصادي الذي تشهده إفريقيا للمرة الأولى منذ 25 سنة ورغم التوقعات بتفاقم معدلات الفقر".
من جهته، ذكر رئيس مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، السيد كريم العيناوي، ومديرة البحث والشراكات والتظاهرات، السيدة بشرى الرحموني، في المقدمة بأن "النسخ السابقة تطرقت إلى التحديات الكبرى ونقاط الانهيار التي تحول دون تنمية المنطقة الأطلسية"، مضيفين "لذلك كان طبيعيا أن يسلط الضوء هذا العام على أزمة كوفيد-19 من منظور جنوب الأطلسي، مع التركيز على أهمية التعاون الدولي".
وأشارا إلى أن هذا التقرير شمل استعراضا شاملا وغنيا لهذه الجائحة غير المسبوقة، بما في ذلك تبعاتها على الصحة العقلية وآثارها الكارثية على الاقتصادات، ناهيك عن دور الجيوش في إدارة الأزمات الصحية".
وسجل البلاغ أن فصول التقرير تشمل كذلك استعراضا كاملا للنتائج الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة. حيث عالج الجزء الأول القضايا الشاملة، مع "لمحة عامة عن الجائحة في الشمال وفي الجنوب" و"القدرات الصحية كأداة جديدة للسلطة" و"إدارة أزمة االديون"، وتأثير الجائحة على التجارة الدولية والأسواق والانتقال الطاقي، ومع التركيز على ضرورة "تعاون شامل في مواجهة الأزمات الشاملة"، وهو فصل يحمل توقيع السيد إبراهيم ماياكي، الأمين العام للشراكة الجديدة من أجل التنمية في أفريقيا (نيباد).
وفي مرحلة ثانية، تم التطرق لقضايا خاصة بحوض جنوب الأطلسي، على غرار "جغرافية الاحتجاجات في الجنوب الشامل"، و"الدولة الراعية في الجنوب الكبير: هل هي عودة الغائب الكبير؟"، ناهيك عن الرهانات الإنسانية والأمن الغذائي ومكافحة الإرهاب. وقد أشرف على هذا الفصل الأخير السيد عبد الحق باسو، الباحث البارز لدى مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد.
وقد أغنت القراءات المتقاطعة لخبراء معروفين وباحثين مساهمين في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد من المغرب والسنغال والنيجر ونيجيريا والمكسيك والبرازيل وألمانيا وإيطاليا تقرير هذا العام. وفي فصل بعنوان "قراءة مكسيكية لأزمة كوفيد-19 والحجر"، ذكر الباحث لدى المجلس المكسيكي للقضايا الدولية، السيد خيراردو تراسلوسهيروس، أن المكسيك تعد أحد البلدان الأكثر معاناة من الأزمة الاقتصادية، حيث بلغ معدل الانكماش 10,5 في المائة، وذلك بسبب قصور الحكومة وعدم اعترافها بخطورة الوضع.
من جانبه، تطرق الباحث البارز لدى مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، السيد مصطفى الرزرازي، إلى اختلالات أنظمة الصحة في الجنوب، ولاسيما رعاية الصحة العقلية، بناء على ما أطلق عليه عالم كوري "كورونا بلوز"، أي "الاكتئاب والخمول الناجمان عن العزلة والتباعد الاجتماعي".
وساهمت الباحثة البارزة، السيدة مينة باليامون، في التقرير بفصل بعنوان "إنقاذ الحياة أو إنقاذ الاقتصاد: ليست معضلة بل تحديات خاصة للجنوب الشامل"، حيث ركزت فيه على ضرورة تدابير فعالة في مجال الصحة العمومية. كما سلطت الضوء بالتفصيل على صعوبة التباعد الاجتماعي في المساكن وفي الاقتصاد غير المهيكل بمدن الجنوب الكبرى.
ولخصت بشرى الرحموني، في الختام، أحد الجوانب الأساسية في تقرير "تيارات أطلسية" بالقول: "أثبتت الجائحة أنه يمكن اعتبار الصحة رأسمال سياسيا واقتصاديا. على الرغم من ذلك، فإن إدارة الصحة العالمية لا زالت تشوبها مجموعة من النزاعات".
ويعتبر مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد الذي تم إنشاؤه سنة 2014 في الرباط، مركزا مغربيا للدراسات، مهمته الإسهام في تطوير السياسات العمومية الاقتصادية منها والاجتماعية والدولية التي تواجه المغرب وباقي الدول الإفريقية بصفتها جزأ لا يتجزأ من الجنوب الشامل. وعلى هذا الأساس يعمل المركز على تطوير مفهوم "جنوب جديد" منفتح ومسؤول ومبادر يصوغ سرديته الخاصة، ويبلور تصوراته ومنظوره لحوض المتوسط والجنوب الأطلسي، في إطار خال من أي مركب نقص تجاه باقي العالم.