وكتبت الصحيفة "بعد تدخل المغرب في معبر الكركرات، حان وقت استخلاص الدروس، لاسيما بخصوص أحد الفاعلين الرئيسيين في النزاع الذي دام أكثر من 40 عاما . بلد (الجزائر) لا يمكن اعتباره كفاعل خارجي أو ثانوي، ولكن كطرف رئيسي كما أكدت ذلك الأمم المتحدة".
وأكد كاتب المقال، في هذا السياق، على مسؤولية الجزائر في هذا النزاع الإقليمي " منذ الوهلة الأولى في سنوات السبعينات وإلى غاية التوترات الأخيرة التي تحدث في هذه الأيام"، مسجلة أنه بات من الصعب على هذا البلد الاختباء وراء الجماعة الانفصالية الصغيرة لجبهة +البوليساريو+".
وأشار إلى أن الدبلوماسية المغربية سعت دائما إلى الحوار مع الجيران الجزائريين، وإلى تسميتهم مباشرة في هذا النزاع المستمر ".
وسجلت "لاريبوبليكا" أن الدليل الملموس يتمثل في الخطاب الملكي لعام 2019 بمناسبة عيد العرش، مذكرة أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس "أكد على الالتزام الصادق بنهج اليد الممدودة تجاه الجزائر، داعيا إياها إلى التعاون ضمن أفق جديد للجوار".
وأضافت أن "هذا الخطاب لعام 2019 كان خطابا تاريخيا، واقعيا وملموسا، ومن المؤسف أنه استُقبِل بصمت يصم الآذان".
وتطرقت الصحيفة، من جهة أخرى، للوضعية السياسية والاجتماعية في هذا البلد الذي "يوشك على الانهيار ، حتى لو كانت المعلومات التي يكتنفها التعتيم، والمراقبة من قبل النظام العسكري تحول دون معرفة المزيد. بالإضافة إلى أنه نادرا ما يرحب بالصحفيين الأجانب".
وسجلت أنه "بناءً على هذه الأسس، من الواضح أن البلاد لا يمكن أن تذهب بعيدًا، وقضية الصحراء تمكن من توضيح بشكل أفضل المنظور : رغم مرور عقود من الزمن ، لا يزال النزاع كعب أخيل لسياسة وجيوسياسية يصعب عليها التقدم خطوة إلى الأمام. وتظهر على الخصوص بعض التناقضات ".
و فيما يتعلق بهذه التناقضات، يستشهد كاتب المقال بكون الجزائر تدعي أن موقفها الرسمي من نزاع الصحراء "كان دائمًا هو دعم مبدأ تقرير مصير الشعوب، لكن البلد نفسه ينكر هذا المبدأ على شعب الأمازيغ الذين يمثلون 60 في المائة من السكان ويطالبون منذ سنوات باحترام حقوقهم السياسية والثقافية ".
من ناحية أخرى، تطرقت الصحيفة إلى "تحول سلبي للجزائر التي لا يبدو أنها تكسب حلفاء مقارنة مع الماضي ، بل بالأحرى تفقدهم" ، في ملف الصحراء.
وأشارت الصحيفة، في هذا السياق، إلى عزلة الجزائر إثر ردود فعل العديد من الدول العربية والإفريقية التي عبرت عن تضامنها مع المغرب في إطار السياسة الدبلوماسية التي تجلت في افتتاح عدة قنصليات في العيون و الداخلة.
لهذا السبب ، تضيف الصحيفة، "التحليل الذي وفقَه يمثل الخلاف مع المغرب عقيدة للنظام العسكري الجزائري أكثر من أي شيء آخر، يبدو أقوى ، لأنه لن تكون له قوة ولن يستمر وجوده إلا مع خلق هذا العدو الخارجي وتقويته ، الأمر الذي يوظفه لإضفاء الشرعية على وجوده وإنفاقه الباهظ على التسلح ، مما يجعله البلد الذي يستثمر 45 في المائة من موارده ، حتى ولو لم تكن الجزائر في حالة حرب".
واعتبرت الصحيفة أن "هذه التساؤلات يطرحها العديد من الجزائريين على أنفسهم، وأصبحوا يائسين ويعارضون هذه السياسة القديمة التي لا تزال جامدة على الرغم من ثبوت فشلها لعقود من الزمن ، ولم تخلق سوى الفقر ولن تفضي أبدا إلى إثراء أو تنمية البلاد".
التساؤلات حول مستقبل الجزائر، تضيف الصحيفة، يطرحها أيضا "مئات الشباب الجزائريين الذين يركبون بشكل جماعي القوارب في تجاه سواحلنا، ويديرون ظهورهم لبلد توقف منذ أمد طويل، عن خلق فرص عمل وبالتالي مستقبل أطفالهم".
بالنسبة للصحيفة، فإن "جوهر المشكلة يكمن في أن الطبقة الحاكمة الجزائرية التي تمسك بزمام السلطة السياسية والعسكرية هي نفسها منذ إنشاء الدولة في سنوات الستينات ، وبالتالي لن يكون هناك انتقال ديمقراطي يفسح المجال لهذا الجيل من الشباب في الجزائر (...) ".
وخلصت "لاريبوبليكا" إلى أنه " يوجد ، مع ذلك ، سيناريو مختلف ممكن. بمقدور الجزائر أن تتحرر من خلال تحفيز مناخ الانفراج في المنطقة وإزالة العقبات لتعزيز تكامل إقليمي فعال، بالشروع في فتح الحدود مع المغرب وتسخير الطاقات والكفاءات من أجل بناء مستقبل أفضل ومشرق للعديد من الشباب المغاربيين، وإنقاذهم من طريق الموت في البحر الأبيض المتوسط".