وخلال هذه الجلسة، التي نشطتها مديرة "Mazar-Business Unit Afrique"، سناء لحلو، حول موضوع "إفريقيا في فترة ما بعد كوفيد-19: من الصمود إلى الانبثاق"، أبرزت مفوضة البنية التحتية والطاقة في الاتحاد الإفريقي، أماني أبو زيد، حركية التضامن الإفريقي التي تجلت منذ اندلاع هذه "الأزمة غير المسبوقة"، والإرادة المشتركة لتحقيق التنمية، مستشهدة في هذا السياق بالمساعدات الإنسانية التي أرسلها المغرب إلى 15 دولة في القارة.
وأضافت أن مناقشة تجميد سداد ديون البلدان الإفريقية داخل مجموعة العشرين وإنشاء صندوق التصدي لمكافحة كوفيد-19 للتخفيف من الآثار الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على الأزمة الصحية، من الأمثلة التي تدل على أن إفريقيا تعمل وفق "صوت واحد"، معتبرة أنه من المهم إعادة التفكير "بشكل جذري" في نموذج التنمية في إفريقيا بفضل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية التي ستدخل حيز التنفيذ في عام 2021.
وشددت على أن "إفريقيا يجب أن تعتمد على ذاتها وعلى مواردها، خاصة الموارد البشرية (...). ويجب أن يكون الانتعاش ذكيا ومستداما".
من جانبه، سجل الممثل الخاص للأمين العام إلى جمهورية إفريقيا الوسطى مانكور ندياي، أن أزمة فيروس كورونا التي كشفت هشاشة المؤسسات الإفريقية جعلت القادة يدركون مدى تبعية القارة إزاء الصين والغرب بشكل كبير، بالإضافة إلى التصدير الهائل لموارد القارة، داعيا إلى "تعزيز التجارة بين البلدان الإفريقية" في وقت شرعت فيه الدول الغربية في ترحيل جزء من صناعاتها إلى بلدان أخرى.
وبعد أن أكد على أن "مسألة استدامة الاقتصاد الإفريقي باتت تُطرح بحدة أكبر"، قال الدبلوماسي السنغالي إن الأزمة الصحية كشفت أيضا عن أوجه القصور التي تشوب الرقمنة في القارة، وهو شق ينبغي، أن يشكل برأيه، أولوية داخل الدول الإفريقية لمكافحة الفساد والاقتصاد غير النظامي وحماية وضمان حقوق الإنسان وتعزيز النجاعة الاقتصادية.
وسجل السيد ندياي أن نهاية الدولة الراعية أدت إلى إفقار الاقتصادات مما تسبب في موجات هجرة، مشيرا إلى ضرورة خلق الفرص الاقتصادية في إطار تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ولذلك من الضروري إعادة تحديد أولويات إفريقيا وفقا للنظام العالمي الجديد الذي ترتسم ملامحه في الأفق، مع تعزيز الوظائف السيادية للدولة.
من جهته، اعتبر نائب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، يونوف فريدريك أغاه، أن تدبير القارة الإفريقية للأزمة الصحية اتسم بمجموعة من الإيجابيات، بما في ذلك معدل الوفيات المتدني مقارنة بمناطق أخرى من العالم، غير أن الأزمة مازالت تطرح تحديات يتعين على القارة التغلب عليها، مضيفا بهذا الخصوص أن جميع الدول الإفريقية تواجه نفس التحديات.
وتابع أن أفضل فرصة يتعين اغتنامها في هذا السياق من الأزمة الصحية هي تنفيذ اتفاقية تبادل حر فعالة بين الدول الإفريقية، مبرزا أن الموارد الطاقية المهمة التي تزخر بها القارة تمثل مقوما حقيقيا يجب استثماره.
واعتبر السيد أغا أنه "لا يمكن للقارة الإفريقية أن تحقق الانتعاش الاقتصادي في غياب تعاون إقليمي قوي" مضيفا أنه ينبغي اعتماد أسلوب عمل جديد يحقق، من بين أمور أخرى، تمكين المرأة والنهوض بالمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة، من أجل استحداث وسائل إنتاج كبيرة في إفريقيا، وإعادة تنشيط النسيج الاقتصادي، ومكافحة الفقر وتمكين البلدان الأفريقية من الاضطلاع بدور رئيسي داخل المجتمع الدولي.
أما وزير الخارجية الكيني السابق رافائيل توجو فأيد فكرة تغيير نموذج التنمية في إفريقيا، مع التركيز على المنطقة من خلال تعزيز التجارة "البينية الإفريقية" وإعادة تنظيم العلاقات مع بقية العالم.
وقال الدبلوماسي الكيني إنه "على الرغم من الصعوبات المرتبطة بنقص البنية التحتية، يجب الشروع في تكثيف التجارة داخل القارة، ولو في إطار المناطق الفرعية فقط".
ويرى رئيس وزراء مالي السابق موسى مارا أنه بصرف النظر عن بعض جوانب ترحيل الأنشطة التي ستحتضنها القارة، لن يتم إحداث نظام عالمي جديد.
ومع ذلك، أعرب السياسي المالي عن تطلعه إلى أن تترسخ التعددية ضد الأحادية والانغلاق، معتبرا أن تحديات القارة لن تشهد أي تغيير على الرغم من البنى التحتية الرئيسية وأوراش أجندة الاتحاد الإفريقي لعام 2063 ينبغي أن تتسارع.
وفيما يتعلق بالتوصيات، أبرز السيد مارا ضرورة تعزيز الاقتصاد الرقمي والرقمنة التي يجب على الحكومات الإفريقية اعتمادها للاستجابة لاستراتيجية الاتحاد الإفريقي للتحول الرقمي لإفريقيا (2020-2030) من أجل تحسين العلاقات بين الإدارة والمرتفقين؛ والقضاء على القطاع غير النظامي والاستثمار بطريقة مستدامة في البنى التحتية الرقمية من أجل "مد الجسور بين البلدان الإفريقية لتحقيق اندماج أكثر رسوخا وضمان أن تكون قارتنا فاعلا رئيسيا في العولمة".
من جانبه، لفت رئيس الوزراء السابق لجمهورية إفريقيا الوسطى، مارتن زيغيل، إلى قصور تدبير رأس المال البشري، الذي يعتبره شرطا لا غنى عنه لتحقيق التنمية في إفريقيا.
واستشهد السيد زيغيل بالمثل المأثور القائل "رب ضارة نافعة" في إشارة إلى الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا، معتبرا أنه من الضروري "استخلاص الدروس من الأزمة ووضعها موضع التنفيذ من خلال تكوين الرجال و النساء من أجل بناء اقتصاد قائم على أسس متينة".
وينظم معهد أماديوس نقاشات (محادثات ميدايز) "MEDays Talks" خلال الفترة ما بين 10 و17 نونبر الجاري، تحت شعار " في سياق كوفيد 19: استجابة، إنعاش، اختلالات"، افتراضيا، بواقع جلستين في اليوم، بمشاركة شخصيات دولية مرموقة ستناقش مواضيع كبرى ذات راهنية.
وعلى غرار المواضيع التقليدية لمنتدى ميدايز، ستكون القارة الإفريقية العنصر الرئيسي في نقاشات "محادثات ميدايز"، ما يتيح استكشاف الفرص المتاحة لإفريقيا ما بعد كوفيد- 19، والدروس التي يجب استخلاصها، وأهمية التكنولوجيا الرقمية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للقارة، فضلا عن الدور الحاسم للشراكات جنوب-جنوب بالنسبة للدول النامية.