وتناول السيد ولعلو، في مداخلة عبر تقنية الفيديو في إطار الدورة التاسعة من الحوارات الاستراتيجية التي ينظمها مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد تحت موضوع "تفكك العولمة" مفهوم "إعادة هيكلة النظم الإقليمية للعولمة" المنسوب إلى الدبلوماسي والسياسي الفرنسي هوبير فيدرين، في ضوء الأزمة الصحية التي وصفها بـ" الأزمة الأنثروبولوجية "التي أثرت على جسم الإنسان أولا، ثم على الجوانب الاجتماعية، لتزعزع أركان العالمية في نهاية المطاف.
وتابع الوزير الأسبق أن هذه الأزمة غير المسبوقة والمعولمة حفزت على تعبئة الدول ضد الوباء وستتطلب حتما إعادة بناء عالم ما بعد الأزمة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن العالم على وشك "أن يعيش أربعة اتجاهات متوقعة منذ مطلع القرن، من بينها صعود الصين وآسيا لأن "العولمة لم تعد غربية فحسب، بل تجذبها أيضا آسيا وإفريقيا".
وتابع أن الاتجاه الثاني يتمحور حول ثنائية القطبية الجديدة بين الصين والولايات المتحدة معما تنطوي عليه من توترات تجارية، واليوم صحية، ولكن أساسا تكنولوجية.
لذلك، يرى السيد ولعلو أنه على الرغم من الخلل في سلاسل القيمة العالمية بسبب الأزمة الصحية وإغلاق الحدود بين الدول وفك الارتباط بين القوى العظمى، أن ما يتداول من أننا نشهد تفكك العولمة أو أن العالم سيحتاج إلى تقلص النمو غير صحيح.
وبعد أن عبر عن اعتقاده بأن العولمة يتم تنشيطها من خلال ترابطات لا محيد عنها، حيث الوباء نفسه، الذي هو من نتائج العولمة، أكد المتخصص أن العولمة والنمو ضروريان ولكن في أشكال أخرى قادرة على تلبية احتياجات "المنافع المشتركة" متمثلة في سلامة الشخص والبيئة وفي قيمة الإنصاف.
وفي هذا الصدد، أكد السيد ولعلو على أهمية محاربة الفقر الذي يضاعف من تداعيات الأزمات والحاجة إلى إقامة عولمة أكثر توازنا وتقاسما تجد جوهرها في الإقليمية التي يمكن أن تتجنب حدوث استقطاب جديد من المحتمل أن يسبب حربا باردة.
وشدد الوزير الأسبق على تعددية قطبية متوازنة، مشيرا إلى أن الإقليمية مطلوبة اليوم في تدبير المخاطر الصحية والاستجابة لمخاطر اضطراب سلاسل القيمة العالمية، بالإضافة إلى المساهمة في خفض التكاليف البيئية المرتبطة بالتنقلات الطويلة.
ولتحقيق ذلك، دعا السيد ولعلو إلى إحداث قطب ثالث من شأنه أن يعطي مركزية جديدة لحوض البحر الأبيض المتوسط، مهد العولمة، كقطب جديد للتنمية والتأثير، مؤكدا على ضرورة أن تمد أوروبا يدها الى جنوب حوض الأبيض المتوسط وإلى إفريقيا من خلال إدراج منطق جديد قائم على الإنتاج المشترك ومقاربة جديدة للشراكة.
وخلص الى أن "إعادة هيكلة النظم الإقليمية ضرورية اليوم لإنقاذ التعددية وتهيئة الظروف لتعددية قطبية قادرة على تصحيح تعسف العولمة".
وينظم مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، منذ سنة 2016، بشراكة مع مركز الدراسات الجيوسياسية التابع ل(HEC باريس)، الذي يسيره باسكال شينيو، كل سنة نسختين من الحوارات الاستراتيجية.
ويعتبر "مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد" الذي تأسس سنة 2014 بالرباط، مركزا مغربيا للدراسات، مهمته الإسهام في تطوير السياسات العمومية الاقتصادية منها والاجتماعية والدولية التي تواجه المغرب وباقي الدول الإفريقية بصفتها جزءا لا يتجزأ من الجنوب الشامل. ومن هذا المنطلق، يعمل المركز على تطوير مفهوم "جنوب جديد" منفتح ومسؤول ومبادر؛ جنوب يصوغ سرديته الخاصة، ويبلور تصوراته ومنظوره لحوض المتوسط والجنوب الأطلسي، في إطار خال من أي مركب تجاه باقي العالم.