وفي هذا الصدد، قال رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، مصطفى ابراهيمي، إن مناقشة مشروع قانون المالية لهذه السنة يأتي في ظرفية استثنائية صعبة، أول سماتها انكماش الاقتصاد العالمي، مع انعدام اليقين بتحسن هذه الوضعية خلال السنة المقبلة، مسجلا أن المملكة لم تكن بمنأى عن التدهور العام للاقتصاد العالمي بسبب ركود القطاع السياحي، وتراجع الاستثمارات الأجنبية، وارتباك الطلب الخارجي والداخلي، إضافة إلى تراجع الأنشطة الفلاحية، نتيجة شح التساقطات المطرية للسنة الثانية على التوالي بالبلاد.
وأضاف أن هذه الوضعية شكلت المحدد لخارطة الطريق التي خطها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطبه الثلاث بمناسبات عيد العرش وثورة الملك والشعب، وافتتاح السنة التشريعية الخامسة، والتي ترتكز أساسا على ثلاثة محاور تشمل دعم وإنعاش الاقتصاد الوطني، ومواصلة دعم القطاعات الاجتماعية، وإصلاح الإدارة وتعزيز حكامة المؤسسات العمومية.
بدوره، أكد مصطفى بايتاس في مداخلة ألقاها باسم رئيس التجمع الدستوري، أن مشروع قانون المالية يأتي في ظل ظروف استثنائية وإكراهات ضاغطة صحيا واقتصاديا وصحيا واجتماعيا وماليا، وفي أجواء تتسم بالضبابية وعدم اليقين بسبب تفاقم انتشار فيروس كورونا.
واعتبر أن ورش التغطية الاجتماعية يحتاج إلى انخراط قوي وعمل كبير من قبل الحكومة، التي تعي حجم الرهانات المطروحة، مضيفا أن قطاع الصحة عرف اختلالات عميقة، "وهذه الأزمة جعلتنا نقف بكل واقعية عند حجم الإمكانيات وحجم جاهزية القطاع الصحي للتعاطي وللتفاعل مع الأزمات"، لافتا الانتباه إلى أن القطاع الصحي يعاني سوء توزيع للمجال وللموارد المالية والبشرية، مما يتطلب ضرورة المراجعة الجذرية وبشكل عاجل لهذا القطاع.
أما رئيس الفريق الحركي، محمد مبديع، فركز في مداخلته، على طبيعة الظرفية وصعوبة السياق الذي أطر تقديم هذا المشروع، مضيفا أن النقاش ينصب حول الأولويات والاختيارات التي قاربت بها الحكومة هذه الظرفية الصعبة، مضيفا أن مشروع قانون المالية يعد فرصة لاختبار قدرة الحكومة على تجاوز مختلف الإشكاليات الاقتصادية والمالية المطروحة.
وأشار إلى أن المغرب أمام معركة حقيقة اليوم تتطلب انخراطا جماعيا بحس وطني مسؤول يغلب المصلحة العليا للبلاد، وينأى عن الحساسيات والنزوعات السياسية المعزولة.
من جانبه، أكد رئيس الفريق الاشتراكي، شقران أمام، أن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية الحالية مقلقة وتؤثر على شرائح واسعة داخل المجتمع بشكل متفاوت، مما يفرض تقديم أجوبة عملية، مبرزا أن مشروع قانون المالية لسنة 2021 يستند إلى فرضيات يمكن أن تتغير في ظل استمرار هذه الأزمة الصحية، مما يقتضي تعبئة وطنية دائمة ومتواصلة.
وسجل، في هذا السياق، أن مشروع قانون المالية يأتي لتقديم أجوبة واقعية ارتباطا بالظرفية الراهنة، معتبرا أن الظروف الاستثنائية تقتضي تأطير التضامن بصيغة الواجب.
من جهة أخرى، اعتبر رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، رشيد العبدي، أن مناقشة مشروع القانون تكتسي أهمية خاصة ومزدوجة وموضوعية باعتباره يقف عند جوهر السياسات العمومية من مدخل التدبير المالي و الاقتصادي، مسجلا في الوقت نفسه أن النقاش العمومي يخلو من القضايا الجوهرية والمصيرية، سيما بالنظر إلى تطورات القضية الوطنية الأولى، وارتباك الوضع التعليمي، والتداعيات الاجتماعية للأزمة الصحية، فضلا عن ترقب سنة فلاحية تتسم بندرة التساقطات.
وأضاف أن الحزب "لن يسمح بتحويل الأزمة المستجدة بسبب جائحة كورونا إلى غطاء لإخفاء أزمات كانت قائمة قبل الجائحة"، معتبرا أنه كان بالإمكان تحسين الوضع الحالي في حال توفر مناعة أكبر لمواجهة الجائحة.
بدوره، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، نور الدين مضيان، فقد اعتبر أن مشروع قانون المالية جاء لتكريس الأزمة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية، وذلك في غياب برنامج محدد الأهداف والوسائل لضمان إقلاع اقتصادي حقيقي، قادر على تنزيل التوجيهات الملكية السامية، وتمكين القطاعات الإنتاجية من استعادة نشاطها، والرفع من قدرتها على الحفاظ على مصادر الدخل وخلق مناصب الشغل، وذلك من خلال خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي.
وشدد على أن هذا الوضع يسائل قدرة الحكومة على إرساء دعائم اقتصاد مندمج قوي وتنافسي، خاصة لدعم المقاولات، التي كانت أكثر تضررا من تداعيات جائحة كورونا، مبرزا أن المشروع يأتي في غياب إجراءات حقيقية لتشجيع الاستثمار وخلق الثروة وفرص الشغل ورؤية محددة الأهداف والوسائل والبرامج المحكمة.
أما رئيسة المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، عائشة لبلق، فعبرت عن خيبة أمل حزب التقدم والاشتراكية بشأن الإجراءات التي تضمنها مشروع القانون، واصفة إياها ب"المحتشمة وتفتقد للجرأة والابتكار"، لافتة إلى وعي الحزب بالظرفية الاستثنائية والصعبة والمعقدة التي يأتي في سياقها هذا المشروع.
واعتبرت أن الميزانية، التي لا تعد مسألة تقنية محضة أو محاسباتية، تشكل أداة لتدخل الحكومة تعكس من خلالها توجهاتها وخياراتها وأولوياتها والسياسات العمومية في مختلف المجالات المرتبطة بحياة المواطنين، مشيرة إلى أن الظرفية الاستثنائية تستلزم قانونا ماليا استثنائيا بحجم انتظارت وتحديات اللحظة.