بابتسامة طفل تعلو شفتيه ونظرة بريئة وخجولة يستقبل هذا الفنان المتحمسين الذين قدموا لاستكشاف معرضه "سفر داخلي" رواق ( مين دار / Mine d'Art ).
وراء انتقاء الألوان الزاهية والتموجات والأشكال الهندسية، يخفي مصطفى مزيان بين ثناياها تجربة مروعة بشكل خاص، قادته إلى عوالم التشكيل الذي سيصبح بعد ذلك انعكاسا لدواخله الدفينة وشكلا من أشكال العلاج.
وأوضح في حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء، أن أعماله الفنية هي ثمار "ولادة جديدة".. يحكي مزيان أنه في عام 2002 ، وفي سن 18 سنة، تعرض لحادث مروري أوقعه في غيبوبة وعندما استيقظ منها وجد نفسه منغمسا في حياة جديدة.
وقال "لا أتذكر إلا النزر القليل من حياتي الماضية"، مضيفا "استلهمت ولادة جديدة في دواخلي ترفل بشغف التشكيل والذي كان غير معروف بالنسبة لي في السابق".
ويردف قائلا "في فترة النقاهة الكاملة، أصبح التشكيل بالنسبة لي مرادفا للعلاج وأداة للتعبير الحسي".
"عندما أرسم ، أكون في نشوة غامرة" يقول مزيان، مضيفا أن اللوحة بالنسبة لي "هي مصدر إلهام وهروبا إلى ثنايا أخرى".
سنة 2005 مثلت منعطفا في حياة هذا الفنان التشكيلي حيث قام برسم لوحة تشكيلية وبطريقة عفوية تماما ، وهو أول عمل في مسيرته الفنية، والذي لم يكن سوى صورته الشخصية.
يقول مزيان مسترسلا "يبدو لي أنها كانت طريقة لطرد مخاوفي التي هي بقع داكنة في حياتي..أربط الألوان الزاهية بالأشكال التي تصبح متوجة وانسيابية.. اللون يصبح بالنسبة لي وسيلة للاحتفال بالحياة التي أعيد اكتشافها مرة أخرى".
ورغم ذلك، لم يكرس مصطفى مزيان وقته الكامل للتشكيل وذلك إلى غاية 2018 ، السنة التي ابتكر فيها توقيعه الفني مستلهما فيه من أعمال المليحي، كاندينسكي أو ميرو ، التي فتنته.
مصطفى مزيان عصامي التنشئة الفنية بالتأكيد، بحكم أنه انغمس في عالم الفن منذ طفولته، حيث غمر نفسه في ورشة عمته التي ليست سوى مريم مزيان، الفنانة التشكيلية المغربية ذائعة الصيت عالميا.
في معرضه الفردي الأول، يغرقنا التشكيلي مزيان في عالم كوني يطغى عليه اللون. هي إذن يقول مزيان دعوة للهروب والسفر في رحاب ومتاهات جلية ساطعة بالألوان الزاهية التي تلهمني بشكل وارف.