وأوضح السيد الغالي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن أولى هذه المستويات تتمثل في قيم التعاون والتضامن والإيثار ونكران الذات التي ميزت المغاربة خلال هذه الأزمة الوبائية، ومنها الثناء على كل من كانوا في الصفوف الأولى لمواجهة هذا الوباء (أطر صحية، قوات أمنية وسلطات محلية ...).
وتابع أن المستوى الثاني يتضمن دعوة صريحة للحكومة لتحمل مسؤولياتها وتجاوز الأنانيات الحزبية، والتذكير بأهم الإجراءات التي تم اتخاذها ضمن منظور مستقبلي واستباقي، رغم صعوبتها نظرا لقساوة تداعيات أزمة فيروس كورونا (كوفيد-19)، كل ذلك من أجل الحفاظ لمكونات الأمة على سبل عيشها واستمرارها في الحياة، ودعم صمودها عبر تعبئة 33 مليارا و700 مليون درهم ضمن صندوق التضامن الخاص المحدث لهذا الغرض.
وأشار إلى أن ثالث هذه المستويات "براغماتي عملي"، من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات الكفيلة بالتحكم في مختلف المخاطر القائمة أو الممكنة ومختلف النواقص، خاصة في المجال الاجتماعي، ومن بينها حجم القطاع غير المهيكل؛ وضعف شبكات الحماية الاجتماعية، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة.
وتمثلت هذه الإجراءات بالأساس، في إعداد خطة طموحة للإقلاع الاقتصادي تساير التحولات الداخلية والجيوسياسية (حيث ارتباط عدد من القطاعات بالتقلبات الخارجية) الناتجة عن كوفيد 19، إذ سيتم ضخ حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، أي ما يعادل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهي نسبة تجعل المغرب من بين الدول الأكثر إقداما في سياسة إنعاش الاقتصاد بعد هذه الأزمة.
وتشمل الإجراءات أيضا، إحداث صندوق للاستثمار الاستراتيجي مهمته دعم الأنشطة الإنتاجية، ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى بين القطاعين العام والخاص، في مختلف المجالات، ويجب أن يرتكز هذا الصندوق، بالإضافة إلى مساهمة الدولة، على تنسيق وعقلنة الصناديق التمويلية.
ومن بين الإجراءات أيضا، إحداث وكالة وطنية مهمتها التدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، ومواكبة أداء المؤسسات العمومية، غايتها الإسراع بإطلاق إصلاح عميق للقطاع العام، ومعالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية، قصد تحقيق أكبر قدر من التكامل والانسجام في مهامها، والرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد الجامعي أنه بهدف النهوض بالتنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، فقد شدد جلالة الملك على توفير الحماية الاجتماعية من خلال تعميم التغطية الاجتماعية، كرافعة لإدماج القطاع غير المهيكل في النسيج الاقتصادي الوطني، وكذا تخليص منظومة التغطية الصحية من التشتت وعدم التنسيق، بتوحيدها وضمان التقائيتها و تحقيق تفعيل السجل الاجتماعي.
وخلص إلى القول إن "تحقيق كل هذه الاجراءات ذات البعد الاستراتيجي تقتضي تضافر جهود مختلف القوى السياسية الديمقراطية الحية دون استثناء، المفعمة بروح الغيرة الوطنية، والمسؤولية الفردية والجماعية، للانخراط القوي في الجهود الوطنية، لتجاوز هذه المرحلة، ومواجهة تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية".