ووصف أنداري، في تصريح لوكالة المغرب العربي، اليوم الخميس، الخطاب الملكي بأنه "مفصلي، جاء في لحظة تاريخية حاسمة، وفي سياق خاص، يمر فيه العالم كله، منذ أكثر من خمسة أشهر، بظرفية صعبة، ومرحلة من القلق وعدم اليقين بسبب أزمة كوفيد 19، وما خلفته من تداعيات كارثية على كافة المستويات".
وأضاف أن هذا الخطاب يأتي أيضا بمناسبة مرور 21 عاما على اعتلاء جلالة الملك عرش أسلافه الميامين، و"هي حقبة عرف فيها المغرب تغييرات كبيرة على كافة الأصعدة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فتم خلالها القيام بالعديد من الإصلاحات، وافتتاح العديد من الأوراش الكبرى، وبالتالي فإن الخطاب جاء ليجيب على أسئلة عديدة".
واعتبر أن "الهاجس الاجتماعي كان طاغيا على هذا الخطاب، وهو أمر طبيعي إذا ما علمنا أن التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة على المغرب ليست أقل سوءا من تداعياتها الصحية والاقتصادية"، ملاحظا أن جلالة الملك حرص في أكثر من موطن من الخطاب على التشديد على العلاقة الوطيدة بين التداعيات التي خلفتها أزمة (كوفيد- 19) على المستوى الصحي، من جهة، وآثارها السلبية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، من جهة أخرى.
وسجل أن جلالة الملك، أكد على الفكرة ذاتها، عندما شدد جلالته على أن التركيز خلال المرحلة القادمة يجب أن لا يقتصر على مواجهة هذا الوباء من الناحية الصحية فقط، وإنما على معالجة انعكاساته الاجتماعية والاقتصادية أيضا، "ضمن منظور مستقبلي شامل، يستخلص الدروس من هذه المرحلة ويستفيد منها".
وأكد أن الجانب التضامني كان حاضرا أيضا بقوة في الخطاب الملكي، بداية من الإشارة إلى أن ذكرى عيد العرش هذه السنة تتميز بكونها تأتي متزامنة مع عيد الأضحى المبارك، "بما يرمز إليه من قيم التضحية والوفاء، والثبات على الحق"، مرورا بتأكيد جلالة الملك على التلاحم الكبير القائم بين جلالته وبين الشعب، وروح التضامن بين الشعب بكل فئاته وأطيافه، وصولا إلى اعتباره أن روح التضامن تلك المتمثلة في ضرورة حماية المواطنين ومصلحة الوطن، هي التي كانت الدافع من وراء اتخاذ مختلف القرارات، ولو أنها كانت قرارات صعبة وقاسية أحيانا.
وقال أنداري إن الخطاب الملكي تضمن ثلاث لحظات رئيسية، تتعلق أولاها بتقييم شامل لما تم القيام به طيلة الأشهر الخمسة الماضية من الأزمة في ما يتعلق بمحاربة الوباء ومختلف تداعياته، مبرزا أن جلالة الملك توقف في هذا المحور عند الإيجابيات التي طبعت تدبير المغرب لهذه الأزمة، والتي "كشفت أيضا عن مجموعة من النواقص، خاصة في المجال الاجتماعي. ومن بينها حجم القطاع غير المهيكل، وضعف شبكات الحماية الاجتماعية، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة، وارتباط عدد من القطاعات بالتقلبات الخارجية".
وأشار إلى أن جلالة الملك تطرق، في هذا السياق، لأهم الخطوات التي تم اتخاذها في هذا الإطار واضعا تلك الخطوات والقرارات في سياقها، ومتحدثا عن الضرورات التي أملتها، مبرزا أن اللحظة الرئيسية الثانية في الخطاب هي لحظة "مكاشفة" تتعلق بالظرف الحالي، معتبرا أنه ظرف صعب، يحتاج إلى تكاثف الجهود من قبل الجميع من أجل اجتياز اللحظة الراهنة، وأنه على الرغم من كل الجهود التي تم القيام بها للتخفيف من حدة هذه الأزمة فإن عواقبها "ستكون قاسية".
وتابع الباحث الأكاديمي أن اللحظة الثالثة "استشرافية" ركز فيها جلالة الملك على المستقبل، وأعاد خلالها ملامسة الإشكالية الاجتماعية بعمق، مؤكدا أن تركيزه سينصب عليها بشكل كبير خلال القادم من السنوات.