فقد وقعت الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات وغرفة التجارة والصناعة العربية-الألمانية مطلع يوليوز الجاري، على مذكرة تفاهم لتحديد إطار للتعاون يسمح بالتعريف بالشركات المغربية في السوق الألمانية وتعزيز فرص الأعمال التي يقدمها المغرب للمستثمرين الألمان.
ويأتي هذا الاتفاق ليعزز النمو المتصاعد الذي تعرفه المبادلات التجارية بين البلدين، حيث بلغت قيمتها أكثر من 3.60 مليار يورو، بزيادة قدرها 10.2 في المائة على أساس سنوي، حسب آخر الإحصائيات الرسمية.
ويعزى هذا التطور إلى زيادة الصادرات المغربية إلى ألمانيا بوتيرة أسرع من الواردات حيث ارتفعت من 907,5 مليار يورو سنة 2014 إلى 1.409 مليار يورو في 2019، فيما ارتفعت واردات المغرب من ألمانيا إلى 2.194 مليار يورو سنة 2019 مقابل 1.700 يورو سنة 2014.
وفي إطار هذا الاتفاق، ستنظم المؤسستان بعثات لرجال الأعمال ولقاءات قطاعية لتحديد سبل ووسائل تعزيز العلاقات التجارية بين الشركات في البلدين، وسيتم إصدار منشورات متخصصة حول اقتصاد البلدين بشكل مشترك. وسيتم وبالتالي، نشر دليل حول الاستثمارات ومناخ الأعمال في المغرب باللغة الألمانية على نطاق واسع وسط الفاعلين الاقتصاديين الألمان.
ويؤكد الأمين العام لغرفة التجارة والصناعة العربية-الألمانية، السيد عبد العزيز المخلافي، أنه من خلال التعاون مع الجهات المغربية "يمكن أن نقدم خدمات لرجال الأعمال ونعمل على تشجيع المزيد من الاستثمارات الألمانية في المملكة المغربية وفي نفس الوقت إدارة المشاريع المشتركة".
وقال "كغرفة تجارية، نحن قريبون من القطاع الخاص، نعمل مع الشركات بشكل مباشر، وهو المجال الذي نستطيع أن نسهم فيه في إطار الجو الإيجابي والممتاز للعلاقات السياسية بين البلدين، وفي فهمنا للأبعاد المشتركة للدور البارز للمملكة ولقدراتها الاقتصادية.
وتعمل الغرفة التي تمثل جميع غرف التجارة والصناعة العربية في جمهورية ألمانيا الاتحادية، منذ أزيد من 40 سنة، من خلال شبكة اتصالاتها، على توفير بيئة محفزة للشركات ودعم التنمية في التعاون الاقتصادي، وتشجيع الاستثمار، من خلال تنظيم العديد من الفعاليات الاقتصادية والمنتديات السنوية التي تعزز التعاون الاقتصادي العربي-الألماني في مجالات الطاقة والصحة والتعليم والاستثمارات بمشاركة عربية وألمانية كبيرة.
وفي سعيها إلى تعزيز ريادتها في مجال الطاقات المتجددة على الصعيد الأوروبي، تعول ألمانيا على تعاونها مع المغرب، الرائد بدوره في هذا المجال على الصعيد الإفريقي، من خلال مشاريعه في مجال الطاقات المتجددة والتنمية المستدامة التي يشرف عليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وهكذا، اختارت ألمانيا المغرب كأول شريك وقعت معه اتفاقا طموحا يهم تطوير قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر في يونيو الماضي ببرلين، مباشرة بعد اعتمادها لاستراتيجيتها الوطنية حول الهيدروجين، والتي تقدر كلفتها بـ 7 ملايير يورو، إلى جانب تخصيص مليارين للتعاون مع الشركاء الدوليين.
وبهذه المناسبة، قال وزير التنمية الألماني، غيرد مولر "بالتعاون مع المغرب، نقوم الآن بتطوير أول مصنع لإنتاج "الهيدروجين الأخضر" في إفريقيا. ومن خلال القيام بذلك، فإننا نحدث وظائف لكثير من الشباب، ونعزز ريادة ألمانيا في مجال التكنولوجيا، ونساعد في الوصول إلى الأهداف المناخية الدولية".
ومن المتوقع أن يحدث مصنع الهيدروجين الصناعي الذي سيتم بناؤه في المغرب تحولا في قطاع الطاقات المتجددة في البلاد، وبالتالي تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 100 ألف طن.
وأكد الوزير الألماني أن "استراتيجية الهيدروجين تسمح لنا بأن نحقق قفزة عملاقة نحو الوقود المحايد للكربون والانتقال الطاقي العالمي، يمكن أن يصبح الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، مثل الميثانول، "وقود" المستقبل النظيف".
ويروم الاتفاق الموقع بين البلدين تطوير قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر، ووضع مشاريع للأبحاث والاستثمارات في استعمال هذه المادة التي تعد مصدرا للطاقة الإيكولوجية.
ويتضمن الاتفاق مشروعا مرجعيا "باور تو إكس" لإنتاج الهيدروجين الأخضر على الصعيد الصناعي، والذي اقترحته الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن)، ومشروع وضع منصة للأبحاث حول "باور تو إكس"، ونقل المعارف وتعزيز القدرات الراهنة بشراكة مع المعهد المغربي للأبحاث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة.
وكشفت دراستان أجريتا من قبل معاهد "فراونهوفر" الألمانية الثلاثة سنة 2018، والتي تهدف إلى استكشاف التأثير الاقتصادي والبيئي لتكنولوجيا (باور تو إكس)، أن المغرب بفضل موقعه الجغرافي الاستراتيجي وإمكاناته الاستثنائية من الرياح والطاقة الشمسية، يمكن أن يستحوذ على حصة كبيرة من الطلب على "باور تو إكس"، والتي قدرت بنحو 2-4 في المائة من الطلب العالمي سنة 2030.
ومن أجل مكافحة تغير المناخ، ينظر بشكل متزايد إلى الهيدروجين المنتج من الطاقات المتجددة، أي الهيدروجين "الأخضر"، على أنه حل معجزة للقطاعات ذات الانبعاثات العالية من الغازات الدفيئة.
ووفقا للخبراء الألمان، يمكن أن يساعد الهيدروجين "الأخضر" في التخفيف من مشكل تغير إمدادات الطاقة الشمسية والطاقة الريحية واستبدال الوقود الأحفوري في بعض الصناعات، مثل صناعة الصلب. كما يمكن استخدامه أيضا كبديل أخضر في المنازل للتدفئة والطهي.
يذكر أن المغرب وألمانيا تربطهما شراكة طاقية منذ 2012، حيث يشكل قطاع الطاقات المتجددة محركا للتعاون الاقتصادي الثنائي.
وقد مكنت هذه الأرضية للحوار المؤسساتي حول الطاقة من تبادل مثمر للممارسات الفضلى والخبرات بين البلدين.
وتشكل المشاريع المتضمنة في إعلان الاتفاق الموقع تتويجا لسلسلة من مشاريع التعاون الطاقية، من بينها البرنامج المغربي الهام للطاقة الشمسية.