وقالت السيدة نادية فتاح، في معرض ردها على سؤال محوري بمجلس النواب حول "تداعيات جائحة كورونا على قطاعات السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي"، إن "الوزارة أعدت مخططا مندمجا وتشاركيا للحد من تداعيات الجائحة، وإعادة إقلاع القطاع، يهدف أيضا لتموقع المغرب في عالم ما بعد كورونا، وذلك باستغلال المتغيرات والمتطلبات المنتظرة للمستهلك للرفع من جودة العرض الوطني".
وأوضحت الوزيرة أن هذا المخطط يتمحور حول الحفاظ على مناصب الشغل وكفاءات وقدرات مهنيي القطاع، وإعادة إقلاع القطاع والتركيز على السياحة الداخلية في مرحلة أولى، ووضع عرض بجودة عالية يستجيب لحاجيات وانتظارات السياح.
ولفتت، في هذا السياق، إلى أن السياحة الداخلية تأتي ضمن الأولويات، كقاطرة استراتيجية لإنعاش القطاع من جديد، وذلك من خلال مراجعة العرض وتكييفه مع طلب السياح المحليين، وإطلاق حملة ترويجية مكثفة لإعادة الثقة، وتعزيز المنتوج المحلي.
كما يتضمن المخطط، حسب المسؤولة الحكومية، إجراءات أخرى، في طور التفاوض، تخص الجوانب المالية والاجتماعية وحكامة القطاع، مشددة على أن إعادة الثقة للمسافرين والسياح والمستثمرين تظل من أولويات الوزارة.
وسجلت أن القطاع قادر على الإقلاع بسرعة أكثر من المنتظر، إذ أنه بالرغم من عدم الإعلان عن تاريخ استئناف الأنشطة إلا أن هناك طلبا مهما، سواء داخليا أو خارجيا، على المنتوج المغربي، مبرزة أن مشاريع الاستثمار في القطاع التي تمت برمجتها ما زالت سارية المفعول، وملاحظة أن مختلف الأوراش استأنفت عملها في عدة جهات.
على صعيد آخر، أشارت إلى أن مؤشرات قطاع السياحة على المستوى الوطني عرفت تراجعا ملحوظا خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2020، حيث انخفض عدد السياح الوافدين بنسبة 45 بالمئة مقارنة مع المدة نفسها في السنة الفارطة، وكذا تراجع عدد ليالي المبيت التي سجلتها الوجهة بحوالي 43 بالمئة.
واعتبرت، بالمقابل، أن الأداء الجيد للعائدات السياحية المسجل خلال شهري يناير وفبراير 2020 قد ساعد على التخفيف نسبيا من الانخفاض، إذ تراجعت العائدات السياحية بنسبة 15 بالمئة خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية.
ولمواجهة انتشار جائحة كورونا، وبالإضافة إلى سلسلة من التدابير والإجراءات الاحترازية النموذجية التي أشاد بها المجتمع الدولي لاحتواء انتشار المرض، من أجل ضمان سلامة وأمن مواطنيه وكذا الأجانب القاطنين بالمغرب، تقول السيدة نادية فتاح، فقد اعتمدت المملكة على إجراءات أخرى مهمة للحد من الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية لهذه الجائحة .
وأوضحت أن قطاع السياحة استفاد من هذه الإجراءات التي اتخذتها البلاد، حيث استفاد حوالي 70 بالمئة من العاملين بالقطاع والمسجلين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من التعويضات الشهرية، كما استفاد العاملون في القطاع غير المهيكل، والمقاولات العاملة في القطاع من الإجراءات الأخرى.
وعلى المستوى التشريعي، تضيف المسؤولة الحكومية، تدخلت الوزارة أيضا لتجنب إفلاس المقاولات السياحية وضمان حقوق المستهلكين من خلال مشروع قانون رقم 30.20 بسن أحكام خاصة تتعلق بعقود الأسفار والمقامات السياحية وعقود النقل الجوي للمسافرين.
في السياق ذاته، تضيف الوزيرة، ولتقوية قدرات المهنيين السياحيين وتحضيرهم للاستئناف السريع للنشاط السياحي الذي يقتضي تحسين التنافسية، تم تطوير منصة رقمية لمواكبة المهنيين عبر عرض تكوينات رقمية في عدد من المجالات، تهم التميز عبر الجودة والابتكار والقدرة التجارية، باعتبارها عوامل مهمة في صمود المقاولات، واستدامتها أثناء الظروف القاهرة.
ولتحضير أفضل لإعادة إعطاء الانطلاقة للنشاط السياحي، تقول الوزيرة، تم العمل على عدة جوانب هامة منها إعداد دليل للصحة والسلامة لاستئناف النشاط السياحي؛ والترويج السياحي؛ وهيكلة القطاع وتعميم تدريجي للتغطية الاجتماعية؛ وإعداد مخطط قطاعي.
ففي ما يخص الترويج السياحي، بادرت الوزارة الى اتخاذ مجموعة من التدابير بمعية المكتب الوطني المغربي للسياحة، حيث سيتم التركيز على إنعاش السياحة الداخلية عبر محورين أساسيين، يتعلق الأول بالتواصل حيث تم وضع استراتيجية تواصلية لفائدة السوق الداخلية وطنيا وجهويا، تهدف إلى تقريب المنتوج السياحي للمواطن، وكذا تشجيعه على استهلاك السياحة الداخلية كمنتوج وطني بمختلف مكوناته.
وأشارت الوزيرة إلى أنه ستتم مواصلة تنزيل هذه الاستراتيجية التواصلية مباشرة بعد رفع الحجر الصحي، بمرحلة ثانية، سيكون هدفها تشجيع المغاربة على السفر في موسم الصيف، وكذا في عطل نهاية الأسبوع عن طريق التعريف بمختلف المنتوجات السياحية، وتقريبها من المواطن المغربي، مع إشراك مختلف الجهات في هذه المرحلة.
أما المحور الثاني، فيهم توزيع المنتوج حيث تقوم الوزارة، بشراكة مع مهنيي السياحة بمختلف مجالات تدخلهم، وعن طريق المكتب الوطني المغربي للسياحة، بوضع الآليات الضرورية لتحديد العروض السياحية الملائمة للمواطنين بمختلف شرائحهم، وكذا تقريب هذه العروض للمغاربة، بالاعتماد على كل الوسائل المتاحة، خاصة التكنولوجية والرقمية، والتي أصبحت في متناول الجميع.
وأضافت السيدة نادية فتاح أن المكتب الوطني المغربي للسياحة وضع رهن إشارة مهنيي السياحة المغاربة بوابة تفاعلية، توفر المعطيات والمعلومات حول السوق السياحي الدولي، وذلك من أجل تتبع آني ومباشر لتأثير وباء كورونا عبر العالم، وتوقعات فتح الأسواق السياحية العالمية.
وفي ما يخص هيكلة القطاع والتعميم التدريجي للتغطية الاجتماعية، شددت الوزيرة على أن هذه الجائحة العالمية أبانت عن ضرورة هيكلة القطاع السياحي وتعميم التغطية الاجتماعية، لذا، تؤكد المسؤولة الحكومية، جعلت الوزارة من هذا الورش أولوية لها، حيث تم الشروع فيه بالنسبة للمرشدين السياحيين، في أفق تعميمه تدريجيا على باقي الفئات الأخرى من المهنيين.