1- تسببت جائحة (كوفيد-19) في تعليق العديد من الأنشطة والمهرجانات الفنية والثقافية في المملكة، وازته فورة في الأنشطة المماثلة في الفضاء الافتراضي. ما مدى تأثر تنظيم الأنشطة الثقافية في سياق الحجر الصحي الذي فرضته الجائحة؟
في واقع الأمر، أثرت جائحة (كوفيد- 19) بشكل كبير على قطاع الثقافة، وخصوصا في مجالات المسرح والموسيقى والتشكيل، إذ توقف تنظيم العروض المباشرة والمعارض الفنية. وإذا علمنا ان المشهد يعرف في العادة دينامية كبيرة ومتنوعة في كل أرجاء المملكة خلال الفترة ما بين شهري مارس ويونيو، فإن هذه الدينامية تأثرت بقوة هذه السنة بسبب حالة الطوارئ، الصحية والحجر الصحي الذي شكل عائقا أمام تنظيم العديد من التظاهرات الثقافية والفنية، بل إن أغلبها دخل في خانة الإلغاء.
وقد انعكس هذا الوضع على الوضعية المالية للعديد من المبدعين المغاربة الذي وجدوا أنفسهم في وضعية "عطالة قاهرة"، ناهيك عن تأخر صرف الدعم المستحق للفرق والفنانين من طرف وزارة الثقافة والشباب والرياضة، مما أثر بشكل كبير على دخلهم المادي.
وتجدر الإشارة في المقابل إلى أنه برزت العديد من المبادرات الافتراضية التي خلقت الحدث في ظل فترة الحجر الصحي، وذلك من خلال تنظيم العديد من الأنشطة الثقافية والفنية على مواقع التواصل الاجتماعي شملت مختلف أشكال التعبير الثقافي والفني.
2- أطلقت شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب وانخرطت منذ بروز جائحة كوفيد-19 بالمملكة في عدد من المبادرات الفنية والثقافية والتضامنية. ما هي رؤيتكم لدور المجتمع المدني في مواكبة الإجراءات الاحترازية من تفشي الفيروس، وهل لمستم وقع هذا الدور على أرض الواقع؟
لم تقف شبكة المقاهي الثقافية مكتوفة الأيدي، بل انخرطت في الدينامية الثقافية والتضامنية التي عرفتها هذه المرحلة رغم غياب الإمكانيات المادية، وذلك من خلال عدة مبادرات أذكر منها إعداد كبسولتين تحسيسيتين توعويتين بضرورة البقاء في البيوت وقراءة الكتب، بمشاركة فنانين ورياضيين وكتاب مغاربة، إضافة إلى مبادرة "قرا كتابك وبقا فدارك" التي تقوم على بيع نسخ من ديوان "طعنات في ظهر الهواء" للشاعر محمد بلمو، وكتاب " فتنة القص.. قراءة في الإبداع القصصي للقاص مصطفى يعلى" للباحث عادل القريب، وتحويل مدخوله إلى الحساب البنكي للصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا.
إلى جانب ذلك، قامت عدة جمعيات ومنظمات مدنية أخرى بمبادرات ثقافية وتضامنية كثيرة ومتنوعة للمواكبة والتحسيس في زمن الجائحة. وبذلك يكون المجتمع المدني الفاعل والنشيط - وهذا دوره - قد ساهم في مواكبة الإجراءات الاحترازية من تفشي الفيروس القاتل.
3- نظمتم مؤخرا النسخة الخامسة لليالي المقاهي الثقافية الرمضانية، التي كانت نسخة افتراضية بشكل كامل، أي أرقام بخصوص حصيلة هذه الدورة؟
هذا صحيح، فموازاة مع مبادرات الشبكة منذ بداية الحجر الصحي، نظمنا النسخة الخامسة من ليالي المقاهي الثقافية الرمضانية بشكل افتراضي هذه السنة بسبب الجائحة. وقد تم في هذا الإطار تنظيم 35 مقهى ثقافيا من طرف منسقي الشبكة بمدن تزنيت وأكادير وبومية ومشرع بلقصيري وتطوان وسيدي قاسم والرباط وسلا ومولاي إدريس زرهون وسيدي يحيى الغرب عبر مختلف تطبيقات التواصل الاجتماعي. وقد شارك في هذه اللقاءات أزيد من مئة ضيف، من ضمنهم صحفيون وشعراء وفنانون وموسيقيون وحقوقيون وفاعلون في الحقل السياسي والمجتمع المدني . وقد حظيت مختلف هذه الأنشطة بمتابعة مباشرة مهمة.
ونحن في الشبكة نعتبر أن هذه المتابعة والتفاعل المباشرين للأنشطة الافتراضية كانا من بين حسنات هذا الظرف الاستثنائي الذي تعيشه المملكة منذ شهر مارس الماضي.
4- ما هي أبرز الدروس التي يمكن استخلاصها من الجائحة، سواء في ما يتعلق بطريقة الاشتغال أو تنويع أشكال الأنشطة في المستقبل؟
الأكيد أن الجميع قد استخلصوا العديد من الدروس من جائحة كوفيد-19 التي شكلت فترة عصيبة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وسيكون لها تأثير بشكل أو بآخر على المدى القصير والمتوسط. ونحن باعتبارنا فاعلين مدنيين واعون كل الوعي بصعوبة مرحلة ما بعد كورونا، إذ لابد من التعايش والتأقلم مع الوضع الجديد. وبالنسبة لنا، فالمستقبل سيكون مختلفا عن هذه المرحلة حيث سنعمل على تطوير أدوات عملنا والانفتاح أكثر على العالم الافتراضي لتعزيز ما ركمناه إلى حد الآن والاستمرار في إيصال رسالتنا الثقافية التي أمنا بها منذ سنة 2015، ونعمل على إشعاعها رغم الإكراهات وقلة الإمكانيات.