ويشكل الاحتفال بهذه الذكرى السنوية مناسبة لتأكيد وتجديد التزام المملكة بالنهوض بوضعية الطفل، وتعزيز مكانته وحقوقه داخل المجتمع. ويأتي الاحتفال هذه السنة، في ظل ظرفية عالمية صعبة وغير مسبوقة تتمثل في ظهور فيروس كورونا المستجد، وانعكاساته على المجتمع ككل وعلى الأطفال بشكل خاص.
ووعيا منه بضرورة حماية هذه الفئة الهامة من المجتمع، اتخذ المغرب، فور ظهور البوادر الأولى لهذا الوباء في البلاد، مجموعة من الإجراءات الاحترازية، على رأسها إعلان وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، قرار توقيف الدراسة بجميع الأقسام والفصول بالمملكة كإجراء وقائي يسعى إلى حماية صحة التلميذات والتلاميذ، مع اتخاذها كافة الإجراءات لتوفير التعليم والتكوين عن بعد، من أجل ضمان الاستمرارية البيداغوجية عن طريق كل ما يمكن توفيره من موارد رقمية وسمعية بصرية وحقائب بيداغوجية لازمة، بغية تمكين المتعلمات والمتعلمين من الاستمرار في التحصيل الدراسي.
من جهتها، قامت وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة بتوفير خدمات عن بعد للأطفال في وضعية هشة أثناء حالة الطوارئ الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كوفيد-19.
وتتمثل الخدمة الأولى في تعبئة الوزارة، بتنسيق مع التعاون الوطني، وحدات حماية الطفولة لاستقبال مكالمات الأطفال بمؤسسات الرعاية الاجتماعية حول مختلف أشكال العنف أو الاستغلال أو التقصير في تقديم خدمات النظافة والرعاية الأساسية، وتتبعها بتنسيق مع السلطات المعنية، وإعداد تقارير دورية في هذا الشأن.
كما أحدثت لهذا الغرض فرق للمساعدة الاجتماعية للطفولة بمندوبيات التعاون الوطني بالأقاليم والعمالات التي لا تتوفر على وحدات حماية الطفولة.
وعبأت الوزارة كذلك، بتنسيق مع التعاون الوطني، مواردها المالية والبشرية لتوفير خدمات الرعاية الاجتماعية للأطفال في وضعية الشارع، ومساعدة الأطفال للالتحاق بأسرهم مع مراعاة المصلحة الفضلى للطفل، أو إيوائهم إذا اقتضى الأمر ذلك بمؤسسات الرعاية الاجتماعية للطفولة.
ودعت الوزارة الجمعيات العاملة في المجال لإعداد مشاريع قصد دعمها في إطار اتفاقيات للشراكة، وذلك بهدف دعم الأطفال في وضعية هشة داخل أسرهم في مجالات التغذية والنظافة والدراسة عن بعد.
ووعيا منها بانعكاسات فترة الحجر الصحي وتقييد الحركة داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية على نفسية الطفل، أطلقت الوزارة خدمة الدعم النفسي لتقديم استشارات هاتفية للأطفال والمشرفين عليهم، لاسيما للأطفال الذين يجدون صعوبة في التكيف والعيش في فضاءات مغلقة خلال فترة الحجر الصحي الاحترازي وتقييد الحركة، حيث تمت تعبئة المتخصصين الاجتماعيين الإكلينيكيين التابعين لمؤسسة التعاون الوطني، وتوزيع أرقام هواتفهم على مؤسسات الرعاية الاجتماعية وجعلها في متناول الأطفال.
وبعيدا عن وباء كورونا، عمل المغرب على إطلاق عدة أوراش كبرى تهم تعزيز حقوق الطفل وحمايته، وتعزيز مكانته في المجتمع على جميع المستويات.
ومن أبرز هذه الأوراش، وضع السياسة المندمجة لحماية الطفولة (2015-2025)، التي تسعى إلى "إرساء محيط حمائي للأطفال ضد جميع أشكال الإهمال، والاعتداء، والعنف والاستغلال"، كما تمكن المغرب من التوفر على منظومات حمائية مندمجة للأطفال ومطابقة للمبادئ المتضمنة في مختلف النصوص القانونية الدولية المصادق عليها.
كما تم إطلاق حملة "الرباط .. مدينة دون أطفال في وضعية الشارع"، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، بمناسبة الدورة الثامنة لقمة منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية "أفريسيتي" بمراكش في شهر نونبر 2018.
وعلى المستوى القانوني، فقد حقق المغرب إنجازات تشريعية مهمة حيث صادق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية والثنائية التي من شأنها تكريس حقوق الطفل والنهوض بأوضاع الطفولة المغربية.
كما عمل المغرب على إصدار قوانين ومراسيم تعنى بشكل خاص بمصلحة الطفل وتتطابق مع الاتفاقات الدولية وتهدف إلى تحسين أوضاع الأطفال في مختلف المجالات. ويبقى أبرز هذه التشريعات دستور 2011، الذي شكل دون أدنى شك منعطفا تاريخيا فاصلا ونتاجا لسنوات من العمل المتواصل، المتمثل في مجموعة من الأوراش الإصلاحية والمبادرات التحديثية التي شملت عدة مجالات على رأسها مجال حماية حقوق الطفل.