في طليعة المعركة ضد هذه الجائحة، لجأ العديد من خبراء التعلم الآلي إلى استخدام قوة حوسبة الذكاء الاصطناعي لتوقع وتدبير الأزمة الصحية وتسريع تطوير اللقاح. إنهم يطلقون على سلاحهم الجديد اسم "علم الأوبئة"، الذي يمكن أن يغير الطريقة التي يحارب بها العالم العدوى.
لقد قامت "بلو دوت"، وهي مقاولة كندية صغيرة، بتطوير خوارزمية لبحث تفشي الأمراض المعدية في سائر أنحاء العالم. ويتعلق الأمر بنظام إنذار مبكر رقمي، مكن المقاولة الناشئة من أن تكون من أوائل المقاولات التي أطلقت جرس الإنذار بشأن هذا الوباء القاتل.
كانت ليلة رأس السنة الجديدة عندما أطلق حاسوب "بلو دوت"، في الجانب الآخر من العالم على الواجهة البحرية لتورنتو، تحذيرا: أبلغت صحيفة اقتصادية صينية للتو عن 27 حالة لمرض غامض بالإنفلونزا في ووهان. وقال المؤسس والرئيس المدير العام للمقاولة الكندية، كامران خان، في حديث أدلى به مؤخرا لقناة "سي بي إس" التلفزية، إن الإشارات كانت مقلقة.
وأكد أنه "في البداية، لم نكن نعرف أن الأمر يتعلق بجائحة قادمة. لكن كنا نعلم أنه ثمة أصداء لوباء سارس".
وأشار إلى أن نظام "بلو دوت" قام بمسح وتحليل وتصور عدد هائل من البيانات حول العالم في بضع ثوان فقط للتنبؤ بشكل صحيح بالمكان الذي سيتوجه إليه الفيروس بعد ذلك، وحساب المدن الأكثر عرضة للخطر.
وكتب رئيس شركة داتامينر الأمريكية، جايسون إيدلبويم ، في منشور على موقعه الإلكتروني، أن الشيء نفسه ينطبق على هذه المقاولة الناشئة الحديثة: "نستخدم تنبيهاتنا الخاصة في الوقت الفعلي يوما بعد آخر. بفضل تحذيراتنا المبكرة حول انتشار كوفيد-19، تمكنا من اتخاذ قرار إغلاق مكاتبنا بشكل استباقي وجعل فرقنا تعمل بالكامل في المنزل، تحسبا لموجة من تدابير الحجر الذاتي في الولايات والبلدان التي نعمل فيها".
ودائما في الولايات المتحدة، يصارع عدد من المتخصصين المغاربة في الذكاء الاصطناعي على خط المواجهة ضد هذه الجائحة.
ومع انشغاله بإدارة الطاقة الإيوائية للمستشفى، قام أنس باري، الأستاذ المغربي بجامعة نيويورك، من جانبه، بتطوير وسيلة تمكن من الإبلاغ عن جدية الحالة السريرية للمصابين بفيروس "كوفيد-19"، من أجل مساعدة الأطباء على تحديد المرضى الذين يحتاجون بالفعل إلى أسرة بالمستشفيات ومن يمكنهم العودة إلى منازلهم.
وبكل عزم والتزام، اعتمد الباحث المغربي في سلك ما بعد الدكتوراه في كلية الطب بجامعة هارفارد، طارق داودة، على جزء من الأعمال التي أنجزها سابقا في إطار دراساته في سلك الدكتوراه بمعهد أبحاث علم المناعة والسرطان في جامعة مونريال، من أجل تصميم تقنية جديدة للذكاء الاصطناعي من شأنها تسريع اكتشاف لقاح من خلال تقليل مرحلة التجارب السريرية بشكل كبير.
من جهته، وضع المغرب رهن إشارة وزارة الصحة منصة "وراقي" منذ 23 مارس 2020، من أجل توفير تدبير أفضل لتطور الجائحة في المملكة.
وتتيح هذه المنصة المبتكرة، التي تم إحداثها بهدف تقديم خدمات إدارية للمواطنين المغاربة، بإحداث لوحات قيادة توقعية تستخدم الذكاء الاصطناعي، لكل مواطن إمكانية ملء استمارة تقييم ذاتي خاصة بصحته وإعادة إرسالها لوزارة الصحة.
وسجلت "مجموعة ماريتا"، في بلاغ لها، أنه من خلال الاعتماد على ما تم مراكمته من عمل لسنوات طويلة من قبل مختلف الفاعلين، ومن خلال التحلي بالمرونة و التفاعل، استطاعت هذه المنصة في زمن قياسي إعادة توجيه خدمتها لما فيه مصلحة المغرب ومواطنيه، وبالتالي المساهمة، في حدود إمكانياتها، في تدبير أزمة "كوفيد-19" على صعيد المملكة.
وفي وثيقة بعنوان "بيان أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات المتعلق بظروف الحجر الصحي"، أبرزت الأكاديمية من جانبها دور استخدام الوسائل الرقمية والإمكانيات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي في مجال الكشف وتحديد جميع الأشخاص المخالطين مع الاحترام التام لعدم الكشف عن الهوية والحريات الفردية التي يكفلها الدستور لجميع المواطنين، وكذا احترام البيانات الشخصية التي يضمنها القانون.