فقد اتفقت الحكومة الاتحادية والولايات الأسبوع الماضي على إجراءات لتخفيف العزل الصحي، ينتظر الشروع في تنفيذها اليوم الاثنين، في عدة ولايات ألمانية، حسب تطور الوضع الوبائي فيها، لاسيما في ما يتعلق بقطاع الضيافة، مع الالتزام بقواعد النظافة الصحية ومسافة التباعد الاجتماعي.
وتشمل هذه الإجراءات، فتح جميع المحلات التجارية والمدارس ورياض الأطفال ومراكز الرعاية النهارية، إلى جانب استئناف الدوري الألماني لكرة القدم مع الإبقاء على حظر الفعاليات الكبرى إلى نهاية غشت المقبل.
وتم الاتفاق، أيضا، على تمديد قيود الاتصال الاجتماعي حتى 5 يونيو المقبل مع السماح بأن يلتقي أفراد عائلتين.
وبالموازاة مع تخفيف القيود، تم وضع خطة طوارئ تنص على أنه في حالة تسجيل منطقة لأكثر من 50 حالة إصابة جديدة لكل مئة ألف نسمة في غضون أسبوع واحد، سيتعين إعادة تطبيق القيود الصارمة التي كانت مفروضة من قبل إلى حد كبير.
وتأتي هذه الاجراءات في الوقت الذي تضررت فيه الكثير من القطاعات بشدة، جراء تداعيات جائحة كورونا مثل قطاعات الطيران والسياحة والفندقة والمطاعم والحرف والصناعة، والتي شهدت تراجعا حادا في العقود والأرباح.
وبهدف دعم انتعاش الاقتصاد، قدم وزير الاقتصاد والطاقة الألماني بيتر ألتماير، خطة تتضمن إلى جانب تمديد التدابير لدعم الاقتصاد التي تم اتخاذها منذ منتصف مارس (قروض، المساعدة المباشرة للشركات المتوسطة والصغرى، إعانة البطالة الجزئية، صندوق الاستقرار)، تقديم مساعدات طارئة جديدة للقطاعات والشركات التي ستظل خاضعة لقيود لعدة أسابيع، والمتمثلة في قطاع الثقافة والفنادق والمطاعم والمعارض التجارية ومهنيي الفعاليات، وأيضا مساعدة الطلبة من خلال قروض بدون فائدة.
وفضلا عن الطموح في فتح آفاق الأمل في إعادة انتعاش الاقتصاد، شريطة أن يظل انتشار الفيروس تحت السيطرة، تراهن الحكومة الألمانية على أن تراجع الظرفية الاقتصادية في الربع الثاني من السنة سيليه انتعاش، ولكنها ترى أنه يتعين مواكبة هذا الانتعاش لأنه سيكون تدريجيا.
وتتوقع الحكومة انكماشا نسبته 6.3 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي الألماني هذا العام. وسيتبع ذلك انتعاشا بنسبة 5.2 بالمائة في 2021.
ولفت معهد إيفو الألماني، اليوم الاثنين، إلى أن صناعات ألمانية عديدة تخفض الوظائف بسبب أزمة فيروس كورونا، موضحا أن 39 بالمائة من شركات السيارات و50 بالمائة من الفنادق و58 بالمائة من المطاعم و43 بالمائة من وكالات السفر استغنت عن عمال في أبريل.
وقال كلاوس فولرابه، مدير قسم المسوح بالمعهد "من الآن فصاعدا، سيكون للأزمة تأثير على سوق العمل الألمانية"، مضيفا أن قطاعات أخرى عديدة شهدت تسريحات فاقت المعتاد، لكن صناعة الدواء لم تستغن عن أي من العاملين فيها.
وتتعرض المستشارة الألمانية التي ما فتئت تحذر من التسرع في رفع تدابير العزل الصحي، لضغوط من قبل بعض رؤساء حكومات الولايات المنشغلين بالوضع الاقتصادي، وكذا لانتقادات الأوساط الاقتصادية، التي تطالب بتسريع إنهاء القيود المفروضة على الحياة العامة.
وفي هذا الاطار، طالب اتحاد الصناعات الألمانية بأن تطرح الحكومة خطة خروج واضحة يوم الأربعاء المقبل.
وقال رئيس الاتحاد، ديتر كيمبف، في تصريحات صحفية "كل أسبوع في الإغلاق يكلف الاقتصاد الألماني خسائر تقدر بعشرات المليارات في القيمة المضافة".
من جانبه، شدد إريك شفايتسر، رئيس غرفة التجارة والصناعة الألمانية، على أن هناك حاجة إلى تصرف حكومي لمساعدة الشركات الصغرى والمتوسطة "لتجنب موجة من الإفلاس خلال هذه المرحلة الهشة".
وعبرت ميركل عن رفضها لانتقادات الروابط الاقتصادية لقرارات التخفيف التي اتخذتها الحكومة، ووصف خطوات إعادة حركة الاقتصاد بالمترددة.
وأبرزت ميركل أنه لم يعد هناك أي نوع من الحظر في أجزاء واسعة من الاقتصاد، مشيرة إلى أن ألمانيا، بالمقارنة مع دول أخرى، سلكت " طريقا شجاعة"، كما أنها لم توقف "نصف الإنتاج".
وبالرغم من التسهيلات الجديدة في تدابير العزل الصحي، شهدت عدة مدن ألمانية نهاية الأسبوع الماضي تنظيم مظاهرات احتجاجا على تقييد الحياة العامة.
وخرج الآلاف من المتظاهرين إلى الشارع، من بينهم مروجو نظرية المؤامرة، في كل من برلين وشتوتغارت وميونيخ وفرانكفورت ونورمبرغ، حيث تم اعتقال عدد منهم لعدم التزامهم بقواعد التظاهر.
غير أنه بعد أقل من أسبوع على تخفيف قيود كورونا، عاود معدل نقل العدوى بفيروس كورونا المستجد أو ما يسمى بمعدل الاستنساخ، الارتفاع في ألمانيا، حسب معهد روبرت كوخ لمكافحة الأمراض المعدية، الذي أشار في تقرير له أمس الأحد أن معدل العدوى ارتفع إلى 1.13، ما يشكل مؤشرا مقلقا على تزايد الإصابات.
ويوضح معدل الاستنساخ متوسط عدد الأفراد الذين يمكن أن ينقل إليهم العدوى شخص مصاب بالفيروس.
ويشدد المعهد الألماني على أنه من أجل تقليص تفشي وباء كورونا، يجب أن يظل معدل العدوى دون 1.
وكان معدل الاستنساخ بلغ الأربعاء الماضي 0.65 ، لكنه ارتفع منذ ذلك الحين بشكل مطرد.
وقد أعرب المعهد عن قلقه إزاء ارتفاع معدل العدوى، مشددا على ضرورة مواصلة التدابير الوقائية، مثل ارتداء الكمامات والقفازات، ومراعاة مسافة التباعد الاجتماعي.
كما ارتفع عدد المناطق التي تجاوزت الحد الأقصى لمعدل الإصابات الجديدة، والمقدر بـ 50 حالة لكل مائة ألف نسمة، إلى خمس مناطق، بعد أن أبلغ مكتب الصحة والأمن الغذائي في مدينة إرلانغن عن وصول هذا المعدل في مدينة روزنهايم الواقعة بولاية بافاريا إلى 50,5 حالة.
وفي غضون ذلك، ظهرت بؤرة لتفشي كورونا في مصنع لحوم تابع لشركة "فيست فلايش" لإنتاج اللحوم في مقاطعة كوسفلد بولاية شمال الراين فستفاليا غرب ألمانيا، حيث تم تسجيل 230 إصابة بين العاملين.
ويضم المصنع نحو 1200 عامل الكثير منهم ينحدرون من شرق أوروبا، ويقيمون في شقق مع ثلاثة أو أربعة أشخاص آخرين، حسب بيانات الشركة المشغلة للمصنع.
وقد تم إغلاق المصنع وأمرت السلطات جميع العمال في جميع المسالخ في ولاية شمال الراين- فستفاليا بإجراء اختبار للكشف عن فيروس كورونا. كما تم تأجيل جزء كبير من إجراءات تخفيف القيود المفروضة لمكافحة وباء كورونا لمدة أسبوع بالاتفاق مع الحكومة المحلية في الولاية.
وارتفع عدد الإصابات بفيروس كورونا في مجموع التراب الألماني بـ 357 حالة عن، أمس الأحد، ليصل إجمالي الإصابات إلى 169 ألفا و575 حالة، حسب ما أفاد به معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية اليوم الاثنين.
وزاد عدد الوفيات بـ 22 حالة، لتصل حصيلة الوفيات إلى 7417 حالة بينما تماثل للشفاء 145 ألفا و600 مصابا بزيادة بواقع 1300 عن أمس.
معطيات وأرقام تسائل قدرة ألمانيا في الحفاظ على نجاحها في كبح المنحى الوبائي، بعد تسجيلها لأدنى الخسائر في الأرواح مقارنة بدول أوروبية مجاورة، وتطرح إمكانية التراجع عن إجرءات التخفيف التي يرى البعض أنها كانت متسرعة.