وانطلاقا من الخبرة الواسعة التي راكمها ، يبسط أوتافيانو الذي سبق أن شغل منصب نائب وزير الشؤون الدولية بوزارة المالية البرازيلية، أيضا وجهة نظره كمتخصص في القضايا الماكرو اقتصادية الدولية،بخصوص تصدي المغرب لوباء كورونا المستجد، ومبادرة جلالة الملك محمد السادس لتعزيز التضامن الإفريقي في مواجهة هذه الأزمة الصحية.
1- في مواجهة الوضع الراهن الذي وصفه صندوق النقد الدولي بأسوأ ركود اقتصادي منذ الكساد الكبير ، ما هي الإجراءات التي يتعين على الحكومات اتخاذها للتخفيف من وطأة الأزمة الصحية العالمية؟
"أزمة فيروس كورونا هي في الأساس مشكلة تتعلق بالصحة العامة ، وتتطلب نهج سياسات احتواء تؤدي حتما إلى صدمات اقتصادية.إن أحد الأسباب الرئيسية للحجر الصحي هو التصور السائد بأنه بالنظر إلى ديناميكيات العدوى - والعدد المقابل من الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية طبية سريرية ، فإن قدرات الرعاية الصحية المحلية معرضة لاستنفاذ طاقتها ، مع توقعات بوقوع وفيات أعلى إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء.
نتيجة لذلك تصبح السياسات الهادفة إلى تسطيح منحنى الوباء وتوفير الوقت أمرا حيويا ، سواء كانت تقلص العدد المطلق للعدوى أم لا .لكن منحنى الوباء يولد منحنى ركود يجب تسويته أيضا .جائحة كورونا تسبب صدمات سلبية على العرض والطلب.دور الدولة رئيسي كضامن في زمن الكوارث من خلال توفير الدعم المالي ، بما في ذلك موارد إضافية للأنظمة الصحية ، والتحويلات النقدية لفائدة الأشخاص المتضررين من الأزمة ، والإعفاءات الضريبية ، فضلا عن منح قروض بشروط ميسرة للمقاولات الهشة". هذه التدابير الطارئة والمؤقتة تهدف ،مع زيادة الدين العام كشكل من أشكال التمويل ، إلى التخفيف من الآثار المدمرة للتعطيل المؤقت والقوي لعجلة الاقتصاد".
2- بادر المغرب باتخاذ سلسلة من الإجراءات لاحتواء انتشار فيروس كورونا وتخفيف الآثار الاقتصادية المرتبطة بالحجر الصحي وتداعيات الركود العالمي. كيف تقيمون هذه الخطوات التي اعتبرها الكثيرون نموذجا لما ينبغي للدول النامية القيام به ؟
"تصدي المغرب لجائحة فيروس كورونا كان سريعا وملائما، مما يجعله نموذجا يحتذى به بالنسبة للبلدان النامية الأخرى.التداعيات كانت محدودة وتم احتواء الوباء نسبيا.
يجب التأكيد على تكامل إجراءات المؤسسات العامة والقطاع الخاص والمجتمع المدني التدابير المتخذة فعلى المستوى الصحي تم إعطاء الأولوية للرفع من الطاقة الإيوائية للمؤسسات الاستشفائية ، وعلى الصعيد الاقتصادي تم إنشاء صندوق خاص لتعبئة موارد تعادل 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للاستجابة لصدمات العرض والطلب ومن خلال توزيع المساعدات على الأسر في وضعية هشاشة ومنح المساعدة للشركات المتضررة ، أصبح من الممكن تخفيف منحنى الركود.
سارع المغرب الى البحث عن تمويل خارجي ، لأنه تأثر أيضا ،على غرار البلدان النامية الأخرى، بالصدمات الخارجية.تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في المغرب و عائدات القطاع السياحي والتحويلات في انخفاض، غير أن السياسة النقدية كانت مفيدة من خلال تيسير الحصول على التمويل للشركات التي تواجه احتياجات نقدية".
3- أدت الجائحة إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية مع نقص في المعدات الطبية. المغرب شرع في تصنيع أجهزة التهوية الخاصة به وحتى تصدير الاقنعة الطبية. هل تعتقد أن هذه الأزمة يمكن أن تكون بمثابة تذكير للبلدان النامية بأهمية القيام بتغييرات هيكلية لضمان قدر أكبر من الاسنقلالية؟
"بالتأكيد، لقد جعلت أزمة فيروس كورونا العالمية والتنافس المحتدم من أجل اقتناء أجهزة التهوية وغيرها من المعدات الطبية هذه القطاعات ترتقي إلى مستوى استراتيجي بالنسبة لجميع البلدان.
أخذا في الاعتبار الاحتمال الكبير لمواجهة أزمات صحية مماثلة في المستقبل ، تتضح أهمية الاعتماد على الإنتاج المحلي على الأقل في بعض المناطق. كما أن هذا الأمر يمكن أن يشكل فرصة لتطوير قدرات التصنيع المحلية بشكل أكثر كفاءة وبتكلفة أقل".
4- منذ بداية الأزمة ، أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس تعليماته السامية للحكومة قصد الإحداث الفوري لصندوق خاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا كما أطلق جلالته مبادرة إفريقية مشتركة للحد من تفشي الوباء. كيف تنظرون إلى الجهود التي يقوم بها المغرب ؟
"المبادرة الإفريقية جهد محمود لدعم البلدان الافريقية الأخرى. إن الأزمة تضرب بقوة ، وخاصة في الدول الأكثر فقرا حيث الصعوبات في تسوية منحنيات الوباء والركود أكبر ، والصدمات الخارجية شديدة الوقع. المعركة اليوم عالمية، فإما أن ننجح فيها على نطاق عالمي ، أو أنها ستعود لتلاحقنا جميعا".
5- كيف يمكن الاستفادة من التكنولوجيا مستقبلا؟ وما التأثير الذي يمكن أن يحدثه فيروس كورنا لاحقا على العمل عن بعد أو التعليم عن بعد؟
"التعليم في المغرب يتكيف مع التطورات التكنولوجية في زمن الجائحة ، باعتماد التعلم الإلكتروني وتعبئة وسائل الإعلام العمومي لتقديم الدروس. أثبتت الدروس المنزلية والتعليم عن بعد أنها ممكنة ، ويمكن توقع الحفاظ على بعض الممارسات الحالية التي تم تبنيها بكيفية استثنائية.
التنقلات المرتبطة بالعمل ستتقلص ، مما ستكون له انعكاسات إيجابية ذات صلة بتغير المناخ. كما أنه بالإمكان توسيع نطاق الولوج إلى التعليم.آمل ألا تكون أزمة فيروس كورونا فرصة ضائعة".