1. هذا العام، بدأ رمضان الذي يعني في العادة العبادات الجماعية والتجمعات تحت وطأة الحجر الصحي. كيف تنظرون إلى الأثر النفسي لهذا الوضع على المجتمع المغربي ؟
استعد المغاربة، في غالبيتهم، لهذا الوضع. منع التجمعات الدينية خلال رمضان، الذي يعد وضعا غير مسبوق، جاء في إطار استمرارية إغلاق المساجد الذي انطلق منذ بدء الحجر الصحي. على المستوى النفسي، أيقظت مشاعر الغموض والخوف من الإصابة والوعي بالخطر القاتل غريزة الحياة ودفعت المواطنين إلى الالتزام بالضرورة الأولوية والتي هي حماية أنفسهم.
وتختلف الأوضاع من أسرة إلى أخرى، ومن وسط اجتماعي إلى آخر، ومن شخصية إلى أخرى. الشراسة التي وقع بها الوباء وضعت الأكثر حساسية في حالة من الدهشة والخوف اللتان تميزان حالات الإجهاد الناجم عن الصدمات. كثير من المؤمنين يرون في هذا الحجر فرصة لممارسة العبادات الدينية بشكل كامل باتباع تعليمات القرآن الكريم والأحاديث النبوية ودون الحاجة للاجتماع. آخرون يعيشون هذه الحالة كحرمان من الجو الجماعي ويستشعرون الحاجة إلى حضور الجماعة ويواسون أنفسهم بذكيرها أن الأمر يتعلق بمجرد مرحلة عابرة. وهناك طبعا من لم يكونوا يشاركون من قبل في الصلوات الجماعية ومن ثم فلا ينشغلون إلا بالحجر في حد ذاته.
2. في العادة يلتقي الناس في المساء لتقاسم لحظات سعيدة والإفطار معا، وهو الأمر الذي صار متعذرا اليوم. ما هو أثر ذلك على الأشخاص الذين يمضون فترة الحجر وحيدين ؟
السعادة تختلف من إنسان لآخر. في العادة، تسمح الخرجات الأسرية أو مع الأصدقاء بتجديد الروابط الاجتماعية والدخول في معاملات في الأماكن العمومية. البعض قرّروا قضاء رمضان مع أسرهم بسبب حظر التنقل الذي لا يسمح لهم بالعودة إلى منازلهم بعد الإفطار. ويمكنهم بالتالي البقاء قريبين من آبائهم وأمهاتهم خاصة المتقدمين في السن. بالنسبة لمن لا يحتملون العزلة ويعيشون لوحدهم، الوضع يكون غير محتملا والانتظار طويل جدا. بالنسبة للشباب الذين اعتادوا على الخروج لتغيير الأجواء والاحتفاء والتدخين ولقاء الأصدقاء يمكن أن يكون الحجر في الوسط العائلي مصدرا للتوتر والصدام. بدءا من سن المراهقة تظهر على الشباب رغبة في إثبات الذات والاستقلالية والتحرر وهي الأمور التي تعد شبه مستحيلة حاليا. هناك أيضا أعراض الإقلاع أو الانقطاع بالنسبة للأشخاص الذين يدمنون على المخدرات، علما أن كل ما يجري خارج البيت سيصبح مكشوفا أمام أنظار الآباء.
3. ما هي الحلول التي تقترحونها للتخفيف من الآثار النفسية المرتبطة بهذا الوضع خلال رمضان ؟
بخصوص الشق النفسي، فقد كشفت الجائحة شخصية الأفراد ومستواياتهم المعرفية ومدى نضجهم وتماسكهم من هشاشتهم النفسية. لقد ضخمت ما كان قائما من قبل أو قل أظهرت ما كان مستترا. من كانوا يعيشون رمضان بلا مشاكل لا يزالون يحافظون على طابع الهدوء نفسه خلال هذه الفترة. من كانت تظهر عليهم علامات القلق والتمرد والغضب يمكن أن تزداد وتظهر بتجليات مختلفة: اضطرابات نفسية جسمانية، وزيادة الفحوصات الطبية، والأرق والشجارات العائلة ومحاولات الانتحار.. في أفضل الحالات، في حال ظلت الأعراض تحت السيطرة، يمكن أن تعاود الظهور في وقت لاحق. أمام هذه المخاطر تتمثل الخطوات الوقائية في تجنب الشجار واحترام ما أمكن أوقات وفضاءات حرية الآخرين، وعدم التسرع باتخاذ قرارات شخصية وطلب الاستشارة من طرف المختصين في الصحة.
4. بماذا تنصحون الأشخاص الذين يخضعون لمواكبة من طرف مختصين والذين يعانون من اضطرابات نفسية ؟
من الضروري أن يبقى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية على اتصال قريب بمعالجيهم. ولحسن الحظ، تسمح الوسائل التكنولوجية بإجراء فحوصات عن بعد والاستماع لمشاغل ومخاوف الناس من الإصابة بالفيروس. لا يجب إذا انتظار أن ينهار الإنسان تحت ضغط المشاعر والقلق وحالات الكآبة لطلب المساعدة. لا يجب التردد في طلب المعلومات والاستشارة واللذان سيكونان أكثر ملاءمة إن كانا قادمين من طرف المعالجين الذين يعرفون مرضاهم.
5. كيف يمكن الاستعداد منذ الآن لما بعد الحجر الصحي ؟
إعلان الآجال الزمنية يكون دائما مصدرا للارتياح. الغموض يغذي المخاوف والاضطراب والقلق والكآبة. البشر في حاجة إلى رؤية أفق أمامهم، إلى التفكير في القادم. يجب تصور آفاق ومشاريع وتنفيذ القرارات المتخذة خلال فترة الحجر. تمتلك النفس قدرات كبرى على التأقلم لكن زمن تغيير القناعات زمن طويل. القبول الفكري بفكرة ما لا يكفي لوحده، إذ لا بد من زمن لاستدماج الأفكار الجديدة حتى تتمكن التغيرات من الثبات والاستمرار. يجب أخذ كافة العبر الممكنة من هذه الأزمة على كافة المستويات الصحية والبيئية والاقتصادية والوبائية. الوعي بالماضي يسمح باستيعاب المستقبل بشكل أفضل.