ويشكل المركز التربوي الإسلامي بمكسيكو فضاء للصلاة والتجمع و"ملتقى" للجالية المسلمة بالعاصمة المكسيكية، بل وفضاء لتكريس روح التضامن والتآخي بين مسلمي بلاد الأزتيك.
ويقصد أفراد الجالية المسلمة بمكسيكو عادة هذا الفضاء الروحي التربوي حيث يلتئمون حول الإفطار الجماعي ليعيشوا لحظات توحدهم كمسلمين ويستحضرون من خلالها أجواء الشهر الفضيل في بلدانهم وقيم التضامن والتآزر التي يحث عليها الدين الإسلامي الحنيف.
وخلال الأمسيات الرمضانية، يضرب المغاربة والمسلمون من مختلف البلدان موعدا في مسجد مكسيكو لأداء الصلاة وتقاسم المأكل وتبادل أطراف الحديث، ما يخفف، ولو للحظات، من وقع اغترابهم وبعدهم عن الأهل والأحباب.
وقال الأستاذ الجامعي بالمكسيك، محمد بادين اليطيوي، إن هذه الظروف تجعل "من الصعب تبديد وقع البعد عن البلد الأم وعن العائلة بالنسبة للمغاربة المتواجدين بالمكسيك"، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن الوسائل التقنية المعاصرة تساعد على التأقلم مع الوضع، ولا سيما من خلال التواصل اليومي مع الأقارب وأداء صلاة التراويح خلف إمام على الإنترنت.
غير أن الحجر الصحي وإغلاق المساجد الذي حتمه وباء كورونا زادا من صعوبة الحياة اليومية لمغاربة مكسيكو، والذين أكد البعض منهم، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الأجواء الخاصة التي تميز شهر رمضان عادة أضحت هذه السنة وكأنها حلم بعيد المنال، في غياب الإفطار الجماعي والصلاة في المسجد وتعذر الزيارات بين الأسر والأصدقاء.
ويضطر البعض إلى استحضار طقوس رمضان بطريقته الخاصة وفي حدود الوسائل المتاحة. حيث يقول حسن، وهو مهندس مغربي مقيم بالمكسيك، إنه على الرغم من صعوبة التأقلم مع هذا الوضع، فإن الأهم هو ملازمة المنزل لحماية نفسه والآخرين، مشددا على أن الطريقة الوحيدة للحد من انتشار فيروس كورونا هي التقليل بل التوقف عن مخالطة الآخرين، خاصة خلال رمضان، شهر التجمع ولم الشمل.
وقد اختار البعض الآخر من المهاجرين المغاربة قضاء الحجر الصحي لدى أحد أصدقاءهم، مثل محمد، الذي قرر الانضمام إلى حسن في شقته في بولانكو لقضاء شهر رمضان معا، بهدف التخفيف من وطأة الحجر والاغتراب.
بالمقابل، تسنى لآخرين، مثل مالك، عبور المحيط قبل إقرار الحجر الصحي ليعيشوا شهر رمضان رفقة الأهل بالمغرب، في حين آثر أخرون مثل هشام اللجوء إلى شبكات التواصل الاجتماعي لتقاسم روتينهم اليومي خلال الشهر الفضيل مع العائلة والأصدقاء بالبلد الأم.
ويحرص آخرون على تأثيث موائدهم بوجبات وحلويات مغربية لاستحضار أجواء البلاد، مثل محمد وحسن، اللذين وجدا ضالتهما في محل لبيع الحلويات المغربية غير بعيد عن محل سكناهما.