وأبرز السيد حميدوش، في حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، أن المقاربة التشاركية، التي تقوم عليها هذه المبادرة، مستلهمة من أحدث مناهج التسيير، وتحديدا تقاسم "الممارسات الفضلى" واعتماد مقاربة للتدبير قائمة على النتائج، تشمل مؤشرات الأداء التي ستسهل تتبع/تقييم مصفوفة الإجراءات التي ستتم المصادقة عليها واعتمادها من قبل رؤساء الدول الإفريقية في الأسابيع المقبلة.
وأشار إلى أن التزام المغرب بالدفاع عن قضايا إفريقيا ومصالحها ليس وليد اليوم، مذكرا بأن الأمر يتعلق ب"توجه راسخ متوارث تاريخيا، ويواصل المغرب اعتماده بثقة وافتخار، ما يجعل منه وسيطا نزيها حقيقيا ومخاطبا ذا مصداقية، وصديقا حقيقيا يمكن الاعتماد عليه في شتى الظروف وفي أوقات الشدة والرخاء".
وسجل السيد حميدوش أن هذه المبادرة تأتي لتنضاف إلى قائمة تضم العديد من المبادرات الملكية الملموسة لصالح القارة الإفريقية حول عدد من القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية والسياسية، مذكرا، بالأساس، بالإعلان أحادي الجانب عن إلغاء ديون البلدان الإفريقية، واقتراح واعتماد مخطط العمل المتعلق بحماية البيئة في إفريقيا خلال النسخة الـ21 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 21)، فضلا عن الزيارات الملكية الرسمية لزهاء ثلاثين دولة جنوب الصحراء خلال العقدين الأخيرين، والتي مكنت من التوقيع على أكثر من ألف اتفاقية تعاون وتنفيذ مشاريع متعددة في شتى المجالات.
وأشار إلى أن هذه المبادرة "ستسمح للبلدان الإفريقية، في نهاية المطاف، بإجراء تقييم موضوعي وبالأرقام لتأثير جائحة فيروس كورونا على اقتصاداتها محليا وإقليميا ودوليا"، مضيفا أن الهدف النهائي هو "إنقاذ البيت الإفريقي" من خطر انتشار "النار" التي يشكلها كوفيد-19، وإنقاذ الأرواح البشرية، وخاصة الشباب الذين يشكلون "أهم ثروة ومستقبل قارتنا".
من جهة أخرى، سلط السيد حميدوش الضوء على الأثر الاقتصادي الناجم عن هذه الجائحة، مشيرا إلى أن الأزمة الحالية ستتسبب في "ركود اقتصادي أكثر خطورة" من الأزمة الثلاثية الفلاحية والطاقية والمالية لسنتي 2008-2009.
وفي المقابل، قال إن الأنشطة الاقتصادية ستستأنف تدريجيا وفق وتيرة كسر الحجر التي ستعتمدها كل دولة على مستواها بحسب تطور الجائحة.
وبخصوص تعليق "مجموعة الـ20 " للدَّين على الدول الأكثر فقرا، لاسيما الإفريقية، سجل السيد حميدوش أن الأمر يتعلق ب"مهلة صغيرة"، وليس بإلغاء للديون كما طلب بعض القادة الأفارقة، مشيرا إلى أن أزمة "كوفيد-19 " ستتطلب مجهودا اقتصاديا أكبر يتجاوز الخطوة التي أقدمت عليها مجموعة الـ20 بشأن الديون.
وأبرز أن الصدمة الاقتصادية الناجمة عن الجائحة، تستلزم قدرات مالية استثنائية لتجاوزها، غير أن "حجم الدََّين الإفريقي يحول دون تعبئة الدول للإمكانيات الكافية لمواجهتها".
وفي هذا السياق، واعتمادا على الأرقام الرسمية لصندوق النقد الدولي، ذكر السيد محمد حميدوش بأن الدَّين المتراكم على الدول الإفريقية تضاعف خلال السنوات الأخيرة، وبلغ حاليا الرقم القياسي لـ 365 مليار دولار، منها 145 مليار (أي 39,73 بالمائة) مستحقة للصين، فيما ترتفع خدمة الدَّين إلى 44 مليار دولار.
وسلط السيد حميدوش الضوء، من جهة أخرى، على الدروس التي يمكن للدول الإفريقية استخلاصها بعد هذه الأزمة، والمتعلقة على الخصوص بتعبئة موارد مالية مهمة في قطاع الصحة والبحث العلمي، وتحسين أجور وظروف عمل موظفي قطاع الصحة (أطباء، ممرضون..)، بهدف التقليل من هجرة الأدمغة إلى خارج القارة، وكذا التوفر على مخزونات استراتيجية كافية من خلال الاستثمار في الصناعة الصيدلية.
وارتباطا بالسلطات العمومية، المعبأة بقوة لمساعدة الساكنة، دعا نائب الرئيس التنفيذي للأكاديمية الدبلوماسية الإفريقية إلى تشجيعها وبلورة واعتماد استراتيجيات للخروج من الأزمة من خلال إعداد مخططات لاستئناف الأنشطة عند انتهاء فترة الحجر الصحي.