ويأتي تخليد الذكرى الستين لبرازيليا العاصمة، بطرازها المعماري الجذاب، بالذكرى الستين لتشييدها في ظل انتشار جائحة كورونا ما دفع إلى إرجاء الاحتفالات التي تميز عادة هذا الحدث.
وستغيب مظاهر الاحتفال ب"إسبلانادا دوس مينيستيريوس" إلا من بضع مهرجانات وحفلات موسيقية تعتزم فرق موسيقية محلية إحياءها عبر شبكة الانترنت وعلى مواقع التواصل الاجتماعي للاحتفال بذكرى هذا الحدث. وستستهل هذه الاحتفالات، التي اختير لها هذه السنة شعار "لنغني من أجل برازيليا"، صباح اليوم بقداس يقيمه أسقف العاصمة.
وذكرت تقارير إعلامية أن سكان المقاطعة الفيدرالية، حيث تم حظر التجمعات وتعليق الدراسة وغيرها من الأنشطة، هم الأكثر احتراما لإجراء التباعد الاجتماعي على المستوى الوطني، وهو المعطى الذي دفع حاكم برازيليا، إيبانيس روتشا، إلى إثارة إمكانية استئناف الأنشطة بشكل تدريجي اعتبارا من ثالث ماي المقبل.
وليس هذا فحسب، فانخفاض معدل حالات الإصابة بالفيروس مقارنة مع المتوسط المسجل على المستوى الوطني دفع السلطات إلى رفع حالة الطوارئ بالمقاطعة الفيدرالية واستبدالها بحالة التأهب.
وقد طبقت برازيليا، شأنها شأن العديد من المدن البرازيلية الأخرى، إجراء الحجر الصحي اتقاء لشر كورونا وضدا على رغبة الرئيس البرازيلي، جايير بولسونارو، الذي كان قد حصد 70 بالمائة من الأصوات بالمقاطعة الفيدرالية خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لاسيما وأن الأخير يدافع بقوة عن استمرار الأنشطة الاقتصادية مع اتخاذ تدابير وقائية لمنع انتقال العدوى خاصة لفائدة كبار السن.
واستغرق بناء برازيليا، رابع أكبر مدينة في البرازيل من حيث عدد السكان (3 ملايين نسمة)، أربع سنوات في أرض قفر بمبادرة من الرئيس الأسبق جوسيلينو كوبيتشيك، الذي كان يطالب بضمان توزيع أفضل للإدارات والأنشطة الاقتصادية، التي كانت خلال ستينيات القرن الماضي حكرا على مدينة ساو باولو وريو دي جانيرو، التي اتخذت عاصمة لأكبر دولة بالمنطقة منذ سنة 1763.
ويحق اليوم ل "عاصمة الأمل" أن تتباهى على وجه الخصوص بمبانيها وجسورها ذات المعمار الفريد وبحيرتها الاصطناعية الممتدة على نحو 40 كلم مربع، وبساكنتها التي رأى أغلبها النور ببرازيليا وأضحت لها لكنتها الخاصة التي تميزها.
ويرتبط تاريخ برازيليا، التي أدرجتها منظمة اليونسكو ضمن قائمة مواقع التراث العالمي منذ 33 عاما، بالرئيس المؤسس وأيضا بالمهندسين المعماريين البرازيليين الذين شيدوا مدينة حديثة وفريدة وعالمية مثل أوسكار نيماير الحائز على جائزة بريتزكر للهندسة المعمارية، التي تعد بمثابة "نوبل" الهندسة المعمارية.
وتحتفي برازيليا، التي صممت على شكل طائرة بقمرة قيادة تضم مقار المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية الرئيسية، خلال هذه السنة بتيرادينتيس الذي كان أول من سقط من أجل استقلال البلاد في 21 أبريل 1792، وذلك بعد أن أعرب عن رغبته في نقل العاصمة إلى وسط البلاد.
وينتصب الكونغرس الوطني وقصر بلانالتو (القصر الرئاسي) والمحكمة الفيدرالية العليا والكاتدرائية وجسر جوسيلينو كوبيتشيك على سبيل المثال لا الحصر ببرازيليا لتجسيد روح العاصمة الفيدرالية.
وتسعى برازيليا، التي وصفها رائد الفضاء السوفييتي الشهير يوري غاغارين حينما زارها في 1961 بأنها كوكب آخر، إلى أن تظل ذلك الملاذ وتلك الفرصة لجميع البرازيليين الذين انصهروا داخلها، وإلى الحفاظ على طابعها المتفرد في البلاد.