فبعد أن أعلن المغرب فرض حالة الطوارئ الصحية، لزم المغاربة بيوتهم امتثالا لتعليمات التباعد الاجتماعي، ولجأت العديد من الأسر للمواقع الإلكترونية وتطبيقاتها للحصول على المنتجات الضرورية للمعيش اليومي دون المخاطرة بالخروج إلى الشارع، مما أسهم في انتعاش خدمات التوصيل، حيث بات عمال التوصيل المنزلي بين عشية وضحاها يضطلعون بدور همزة الوصل الوحيدة، في كثير من الأحيان، بين المنتجين والمستهلكين.
يقول منير، وهو عامل توصيل منزلي، فور انتهائه من مكالمة هاتفية مع أحد الزبناء "إنه عمل محفوف بالمخاطر. كانت مخاوفي في السابق تقتصر على مجاراة عقارب الساعة لتوصيل الوجبات في أقل من 30 دقيقة. أما الآن فالخوف الأكبر من التقاط العدوى بفعل التنقل والتعامل اليومي مع الزبائن والاختلاط في المراكز التجارية".
"الزبناء خائفون، وأنا كذلك! أحمل عبوة معقم أرش بها الطلبيات، وأطهر يدي قبل كل تسليم وبعده. فأنا أيضا لدي زوجة تنتظرني في البيت، وطفلة لم تبلغ ربيعها الأول. ولكن هكذا هي طبيعة عملي. ما من خيار آخر أمامي!"، يقول العامل الشاب مستسلما.
وفي هذا الصدد، يقول مدير إحدى شركات التوصيل الرائدة على الصعيد الوطني، كريم دبار، "نلتزم أشد الالتزام بالنصائح والتوجيهات التي أعطتها السلطات المحلية، ونعمل على تكييف ممارساتنا في العمل وفقا لما يحترم ذلك، مع الأخذ بعين الاعتبار الاحتياطات اللازمة والتدابير الوقائية من أجل حماية المواطنين وعمال توصيل الطلبات".
وأضاف المسؤول، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه "حفاظا على صحة الجميع، تم وضع جملة من تدابير السلامة والنظافة للحد من الاتصال بين عمال التوصيل داخل مراكز الشركة، مع الحفاظ على مسافة أمان لا تقل عن مترين"، مشيرا إلى أنه "تم توزيع الكمامات والقفازات اليدوية، إضافة إلى محلول معقم لليدين بالمجان على جميع عمال التوصيل".
وأشار إلى أن الغاية من اعتماد الشركة استراتيجية توصيل جديدة، بدون تلامس أو توقيع، هي الحد من التفاعل بين رجال التوصيل والزبناء، وذلك من خلال الأداء بواسطة بطاقة بنكية، ودون التوقيع عند التوصل بالطلبات. الأمر الذي يضمن خدمة تسليم آمنة للجميع".
وبخصوص دور شركات التوصيل خلال فترة الحجر الصحي، يضيف السيد دبار، أنها تقدم فرصة حيوية للاستمرار في خدمة المواطنين وتزويدهم بحاجياتهم اليومية الأساسية، مشيرا إلى أنه يتم الاعتماد على خدمات شخصين إلى ثلاثة عمال في حالة الطلبات التي يتعدى وزنها الإجمالي 9 كيلوغرامات.
أما عن سلوك المستهلكين بعد ظهور الفيروس، فقد سجل المسؤول أنه "قبل الأزمة الصحية كانت خدمة توصيل الوجبات من المطاعم تمثل 90 في المائة من الخدمات، أما اليوم فمعظم الناس يطلبون بالأساس منتجات البقالة والمخابز والصيدليات".
وبين من يلجأ لخدمات التوصيل المنزلي ، ومن يفضل اقتناء مستلزماته بنفسه، يبقى الأمر اليقين أن خدمات التوصيل المنزلي كان ينظر إليها ما قبل زمن كورونا بعين الترف، حيث كانت تقتصر على الحواضر الكبرى وطبقات اجتماعية بعينها. أما اليوم، وبعد أن باتت الخيار الأمثل والأكثر تحقيقا للمصلحة العامة، فلم تعد محسوبة على الكماليات، وإنما أضحت ضرورة ملحة لدرء الوباء من منطلق المسؤولية الجماعية والحرص على ضمان الأمن الصحي للمواطنين.