فرمضان 1441 (هجرية) ليس كسابقيه في البحرين، بسبب الإلتزام بالاشتراطات الصحية التي فرضتها سلطات البلاد للحد من خطورة الوباء. لذلك لن يكون بوسع البحرينيين تنظيم جلسات الإفطار الجماعي، وموائد الرحمن التي حرصوا على إقامتها منذ غابر الزمن.. ولن يكون بإمكانهم أداء الشعائر الدينية الخاصة بهذا الشهر الفضيل من صلوات واعتكاف وتراويح في المساجد ودور العبادة، تنفيذا لتدابير التباعد الاجتماعي الجارية.
وسيحرص عموم البحرينيين على أداء الصلاة في بيوتهم على الأرجح، والتخلي عن عاداتهم المصاحبة التي ألفوها. ومن المرجح أيضا أن تقتصر موائد إفطارهم على أفراد الأسرة الصغيرة، من دون اختلاط بالأقارب والزوار، إن استمرت الإجراءات الاحترازية على حدتها خلال الأسابيع القادمة.
كما أن موائد الرحمن الشائعة في مختلف مناطق المملكة، لإطعام المعوزين والمتعففين، قد تواجه المصير ذاته، وهو ما يهدد الفئات الهشة.
تأثيرات فيروس "كورونا" لن تطال هذه المرة أداء الشعائر الدينية فقط، بل سترخي بضلالها حتى على ما يرافقها من طقوس وعادات اجتماعية وخاصة المجالس الرمضانية التي تستقطب كل سنة شرائح واسعة من البحرينيين والمقيمين على حد سواء لتعزيز قيم التضامن والتآخي بين مختلف أفراد المجتمع.
فالمجالس الرمضانية، التي تعتبر تقاليد أصيلة تستمد خصوصيتها من الموروث الثقافي الخليجي، لن تنعقد هذه السنة، من أجل تفادي الاختلاط والحفاظ على سلامة المواطنين من خطورة الوباء.
وفي هذا الصدد، يقول الأستاذ الجامعي البحريني، عباس عيسى هلال، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المجالس الرمضانية بالبحرين شكلت وعلى مر التاريخ، رافدا أساسيا وحيويا في التراث الثقافي البحريني لما لها من تأثير إيجابي على النسيج الاجتماعي وما تضطلع به من أدوار مهمة في تعزيز وتقوية التلاحم الأسري.
وبحكم أن هذه المجالس، يضيف هلال، تضم أساسا حشدا وفيرا من الناس يحضرونها طلبا للتوعية والتثقيف المعرفي أيضا، سيكون أمرا إيجابيا، إلغاؤها أو تأجيلها أو حتى تقليص عددها بشكل كبير، من أجل التنفيذ الأمثل للإجراءات الاحترازية والوقائية التي اعتمدتها الدولة لمكافحة الفيروس.
وأشار هلال إلى أنه من المرجح أن تلغي السلطات المختصة جميع أو بعض المجالس الرمضانية، من أجل تفادي الاختلاط الذي يساهم في تفشي الفيروس، رغم أن هذه المجالس تشكل أبرز الطقوس المتوارثة اجتماعيا وأحد مميزات التقاليد البحرينية خلال شهر رمضان الأبرك.
ومن العادات التي دأب البحرينيون عليها أيضا خلال هذا الشهر الفضيل، زيارة الأهالي والعائلات لصلة الرحم وتبادل الأحاديث الودية، وارتياد المحلات التجارية للتسوق. لكن على ما يبدو أن فيروس "كورونا" سيكون عائقا أمامهم هذه المرة، بحكم أنهم سيلتزمون بيوتهم كإجراء احترازي ضد الوباء.
عادات وتقاليد أصيلة مستمدة من الموروث الشعبي البحريني أصبحت إذن في حكم المؤجل، وتأثيرات الوباء ستكون حادة، مع الالتزام بإجراء التباعد الاجتماعي، وهو ما يعني أن المساجد ستخلو من المصلين، كما أن المجالس لن تنعقد والأسواق لن تزدحم كعادتها.
لذلك يأمل البحرينيون أن يختفي الفيروس من بلادهم، لتعود حياتهم إلى طبيعتها المعتادة، وممارسة طقوسهم الدينية والاجتماعية بكل أريحية.