فبعد مرور بالكاد أسبوع على اعتماد اجراءات مشددة جديدة لتقييد الحياة العامة يفترض ان تستمر أسبوعين، بدأ الحديث عن استراتيجية للخروج من دائرة هاته القيود وسط تباين في الاراء بين السياسيين في ما يتعلق بتوقيت وكيفية رفع إجراءات مكافحة فيروس كورونا.
وكانت ألمانيا على خلاف عدد من البلدان الاوروبية التي اعتمدت الاغلاق أو الحجر الصحي الشامل، اختارت الحجر الطوعي من خلال فرض قيود تركز على التقليل من الاتصالات الاجتماعية من بينها حظر تجمع أكثر من شخصين في الأماكن العامة، و احترام مسافة 1,5 متر على الأقل بين الاشخاص في الأماكن العامة، واغلاق المطاعم وصالونات الحلاقة والمتاجر غير الضرورية وكذلك المرافق التي لا تقدم خدمات أساسية.
فبعد أن طلبت المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل مجددا مواطنيها بالتحلي بالصبر واعتبرت أنه من السابق لاوانه الحديث عن تخفيف اجراءات مكافحة كورونا، وأكد رئيس ديوان المستشارية ، هيلغه بروان، أنه لن يكون هناك تخفيف في إلاجراءات قبل 20 أبريل المقبل، عبر زميلهما في الحزب المسيحي الديمقراطي أرمين لاشيت، رئيس حكومة ولاية شمال الراين فيستفاليا عن رأي مخالف لهما حيث أكد أنه "حان الوقت الآن لوضع معايير للعودة إلى الحياة الاجتماعية والعامة حتى يمكن اتخاذ هذا القرار أيضا على أساس معايير شفافة."
وكتب في مقال له نشر في صحيفة "فيلت أم زونتاغ" الصادرة أمس الأحد، أن هناك حاجة إلى توافق اجتماعي واسع، لا يمكن ان يتحقق الا "على أساس دراسة مكثفة لجميع الآثار الطبية والاجتماعية والنفسية والأخلاقية والاقتصادية والسياسية".
وفي المقابل، عبر وزير المالية الألماني أولاف شولتس المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم، عن تأييده لتوجه ميركل قائلا إن "هذه الإجراءات من أجل إنقاذ الأرواح، لذلك أرى أنه من الاستهزاء أن يبدأ البعض الآن في الحديث عن ضرورة إرجاء القضايا الصحية وإعطاء الأولوية للقضايا الاقتصادية".
وفي تصريحات لشبكة "إيه آر دي" الألمانية الإعلامية أمس الاحد أكد الوزير الالماني على ضرورة تقييم تأثير التدابير المتخذة، مضيفا "الآن علينا جميعا أن نلتزم بالقواعد ونحافظ على مسافة التباعد ونبطئ العدوى".
وفي نفس المنحى ، اعتبر وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير على موقع (تويتر) أن "المطالب العامة بتخفيف الإجراءات سابقة لأوانها، ولذلك فإنها غير سديدة، طالما أننا لم نصل بعد إلى إبطاء واضح في عدد الإصابات الجديدة".
ومن جانب المعارضة، قالت زعيمة حزب الخضر انالينا بايربوك أنه من أجل تحديد متى يمكن تخفيف القيود ، سيتعين على ألمانيا استغلال الأسابيع القليلة المقبلة لتعزيز النظام الصحي.
وأبرزت في تصريح لـ (فرانكفورتر ألغماينه سونتاغ تسايتونغ) "يتعلق الامر قبل كل شيء بتوفير معدات الوقاية من الفيروس"، مضيفة "إذا استطاعت دول أخرى إنتاج ملايين أجهزة التنفس الاصطناعي في أقصر وقت ممكن ، فيجب أن تكون بلادنا الصناعية قادرة على القيام بذلك."
وفي هذا الاطار، ترى صحيفة (راين بفالتس) الالمانية في عددها الصادر اليوم الاثنين أنه "بالطبع ، حان الوقت لمناقشة استراتيجيات رفع القيود - وهذا لا يعني أن التدابير الحالية هي موضع تساؤل على أنها غير منطقية. إذا كانت هذه هي الحالة ، فيجب على الحكومة الفيدرالية الآن صياغة معايير مفهومة ، ليس فقط في منتصف أبريل ، عندما يتم رفع القيود تدريجيًا ، وعندما نتمكن من العودة ببطء إلى الحياة الطبيعية".
من جانبها، سجلت صحيفة (فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ) الالمانية إن الأرقام التي يتم الإبلاغ عنها يوميا بخصوص الوضع الوبائي لا تهدف إلى اعطاء الضوء الاخضر ، على العكس من ذلك، مبرزة أنه في بريطانيا، التي أبدت حكومتها في البداية موقفا مريحا نسبيا - وقد تغيرت - يتم الآن إعداد الناس لفترة أطول من الاغلاق ، أي أن كل شيء سيزداد سوءا فيما يتم تشديد الإجراءات بشكل كبير مرة أخرى في إسبانيا وتطبق قوانين الحرب في أمريكا.
وبحسب أحدث استطلاع للرأي أبدى حوالي 54 في المائة من الألمان تأييدهم للإجراءات التي اتخذتها المستشارة ميركل في مواجهة الأزمة والتي تتسم بمستويات متفاوتة بحسب الولايات الألمانية وذلك طبقا لمقتضيات النظام الفيدرالي بالبلاد الذي يخول للولايات حرية التصرف حسب احتياجاتها.
وفي الوقت الذي يحتدم فيه الخلاف حول اجراءات مكافحة فيروس كورونا، دعا رئيس معهد روبرت كوخ الألماني لابحاث الفيروسات لوتار فيلر إلى العمل من أجل تفادي السيناريو الإيطالي.
وحذر في تصريح صحافي من الضغط الواسع على أسرَّة التنفس الاصطناعي في البلاد، قائلا انه رغم قوة تجهيزاتها الطبية وبنية الرعاية الصحية الخاصة بها، إلّا أنها قد تعاني كذلك في توفير أسرة لمن يحتاجونها في ظل انتشار فيروس كورونا في البلاد
وتابع "لا يمكننا استبعاد أن يكون لدينا هنا في بلادنا مرضًى أكثر من أسرة التنفس الاصطناعي"، مضيفا "صحيح أن هذه مجرّد تكهنات.. لكن يتعين علينا في كل الأحوال توّقع ألا تكفي القدرات الاستيعابية". .
ولفت فيلر إلى أن هناك مغالطات انتشرت حول المرض في النظام الصحي في ألمانيا، مبرزا "بالنظر إلى نسبة الوفيات الضعيفة في ألمانيا، انتشرت بعض الأوهام، والواقع أن هذه النسبة الضعيفة تعود بالأساس إلى كثرة الاختبارات التي قامت بها البلاد على السكان المشتبه في إصابتهم بالفيروس".