وجرى الحفل بمقر بلدية ليون بحضور عدد من الشخصيات التي اشادت على الخصوص بانضمام المغرب مؤخرا للمركز الدولي للبحث في مجال السرطان، ليصبح الدولة الخامسة والعشرين المشاركة في هذا المركز، والاولى في القارة الافريقية، كما نوهت بعمل ومبادرات مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان، في التصدي لهذه الآفة.
وأكدت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى في كلمة بالمناسبة على الدور الذي يقوم به هذا المركز في سبيل تشجيع التعاون الدولي في مجال البحث حول السرطان ، وبالمستوى المتميز الذي اتسمت به اشغاله منذ انطلاقه في مجال التعريف بالعبء الذي يمثله داء السرطان ، حيث اضحى مرجعا عالميا في كل ما يتعلق بالمعطيات الخاصة بهذه الآفة.
وقالت صاحبة السمو الملكي الاميرة للا سلمى ان "انضمام المغرب الى هذه المؤسسة ليس سوى تتويجا لجهود بلادي في مجال محاربة السرطان ، هذه الجهود التي مكنت المملكة من دخول غمار البحث في هذا المجال "، مشيرة الى أن المملكة رفعت بفضل تعبئة عامة وشاملة همت القطاعين العام والخاص ، وانخرط فيها كل من المجتمع المدني والاعلام ، تحدي اطلاق استراتيجية متناسقة ومندمجة في هذا المجال ، في غضون عشر سنوات.
وأضافت سموها أنه كان لهذه التعبئة "الانعكاس الواضح على جميع مستويات التدخل التي نقوم بها ، سواء تعلق الامر بالدعم الاجتماعي للمرضى أو بالوقاية أو ببناء المستشفيات ، أو بتعميم الوصول الى الادوية ، أو بخفض تكاليف العلاج ، أو بتقديم الرعاية المنزلية ، والتي تنخرط كلها في سياق التنمية البشرية التي رسم معالمها صاحب الجلالة الملك محمد السادس" .
وتابعت صاحبة السمو الملكي الاميرة للا سلمى أن " المؤسسة التي أتشرف برئاستها اضطلعت بدور هام في وضع وهيكلة المخطط الوطني للوقاية ومراقبة السرطان 2010 -2019 ، والذي يضم 78 اجراء تم تفعيل 72 منها خلال السنوات الخمس الاولى" ، مبرزة أن المحاور الاستراتيجية للمخطط دون استثناء ، تضم شقا خاصا بالبحث العلمي ، لما لذلك من أثر ايجابي لا جدال فيه على مستوى العرض العلاجي اذ بلغ عدد المرضى الذين تمكنوا من ولوج العلاج منذ دخول المخطط حيز التنفيذ ، من اصل 35 الف حالة تم توقعها في سجل السرطانات ، 32 الف مصاب في حين لم يكن هذا العدد يتجاوز 11 الف حالة في 2005 .
وقالت إن "مما يزيد من اعتزازنا بهذه النتائج النجاحات التي حققناها في مجال تعميم العلاج المجاني على مجموع المرضى المعوزين الذين يتم استقبالهم في المراكز العمومية".
وسجلت سموها ان هذا المخطط استفاد كذلك من مجهودات كافة المتدخلين، ومن فرص التعاون الدولي وتجارب غيره من المراكز، مشيرة بهذا الخصوص الى المساهمة القيمة للدكتور سانكر "التي مكنتنا من تطوير نموذج للكشف عن سرطان عنق الرحم يتناسب مع بيئتنا ويجمع بين الفحص والتشخيص والعلاج، استفادت منه آلاف النساء المغربيات".
وأبرزت صاحبة السمو الملكي الاميرة للا سلمى "أنه بغض النظر عن الكم، فإننا نركز جهودنا اولا على جودة الخدمات التي نقدمها وكلنا اقتناع ان كل ما نبذله يجب ان يصب في مصلحة المريض الذي يظل في صلب اهتماماتنا"، مضيفة انه من أجل بلوغ هذا المستوى من الجودة ، أولت المؤسسة بالغ الاهتمام لتكوين الموارد البشرية والبحث العلمي بالنظر لكونهما من العوامل الحاسمة في نجاح اي برنامج من البرامج.
وتابعت ان المؤسسة تقدم في هذا السياق منحا للباحثين ، وتطلق دعوات للمشاريع من اجل دعم البحث ، كما تعقد شراكات تهدف الى حشد جهود المتدخلين ،وخلق دينامية حقيقية لتضافر الطاقات في سبيل الرقي بالبحث العلمي .
وقد توج هذا النهج الذي تسلكه المؤسسة – تضيف صاحبة السمو الملكي الاميرة للا سلمى – بانشاء معهد للبحث حول السرطان بمدينة فاس بشراكة مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الاطر ووزارة الصحة ، مؤكدة ان هذا المعهد الذي أنشئ كمجموعة للمصلحة العامة يطمح لأن يصبح نموذجا أكاديميا في خدمة البحث في مجال السرطان ، على مستوى منطقة شمال افريقيا والشرق الاوسط في اطار مهمته الاساسية التي تتمثل في دعم البحث ،من اجل اشعاع وطني ودولي.
وأشارت سموها الى أن المغرب أدرك اهمية البحث العلمي واثره البالغ على" كل ما نقوم به من تدخلات من اجل محاربة داء السرطان ، ومن هذا المنطلق يجدر بنا أن نعتبر البحث العلمي مصدرا للامل بالنسبة لكل البلدان ، ونقترح جعل موضوعه محورا من محاور التعاون الدولي في مجال من مجالات الصحة العامة التي لا تعترف بالحدود الجغرافية" ، معربة عن يقينها بأن الفوارق الشاسعة "التي نشهدها اليوم بين بلدان الشمال وبلدان الجنوب ستؤول الى زوال ، او على الاقل سيتم تضييق هذه الهوة من خلال تعميم البحث العلمي، وتوسيع رقعته على مستوى العالم ليشمل الجميع".
وأكدت أن البحث عن الحلول بات مسؤولية الجميع في عالم متداخل ومترابط.
من ناحية أخرى وجهت صاحبة السمو الملكي الاميرة للا سلمى، باعتبار سموها ممثلة للمجتمع المدني، نداء الى المجتمع العلمي والباحثين ، من أجل جعل المريض في صلب كل بحث وكل اكتشاف ، مضيفة انه "منذ سنوات طويلة وفي كل اللقاءات التي شاركت فيها وانا ادعو الى خلق صندوق دولي لمحاربة السرطان من اجل دعم جهود البلدان ذات الموارد المحدودة على غرار الصندوق العالمي لمحاربة السيدا الذي كانت له نتائج ايجابية" .
وتساءلت سموها ، "ألم يحن الاوان لتسجيل هذا الداء ضمن اولويات السياسة الصحية العالمية .ألم يحن الاوان ليفتح المجتمع الدولي عينيه على الآثار المدمرة لهذه الآفة في البلدان الفقيرة؟".
وأعربت سموها عن أملها في أن يبادر المركز الدولي للبحث حول السرطان ، الى دعم هذا النداء من اجل التخفيف من معاناة المصابين بداء السرطان عبر العالم.
وكانت صاحبة السمو الملكي الاميرة للا سلمى قد وجدت في استقبالها لدى وصولها الى مقر بلدية ليون على الخصوص السيدين جيرار كولومب عضو مجلس الشيوخ وعمدة مدينة ليون ، وكريستوفر ويلد مدير المركز الدولي للبحث حول السرطان.
ويعتبر المركز الدولي للبحث في مجال السرطان، جزءا من المنظمة العالمية للصحة، وتتمثل مهمته في التنسيق والقيام بأبحاث حول أسباب السرطان لدى الانسان ، فضلا عن إعداد استراتيجيات علمية لمكافحة داء السرطان.