"الحمد لله ٬ والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
معالي المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ٬
أصحاب المعالي والسعادة ٬
حضرات السيدات والسادة ٬
يطيب لي أن أتوجه اليوم إلى هذا الجمع الكبير٬ الذي يلتئم بمناسبة انعقاد الدورة السابعة والعشرين للمجلس الإداري٬ للملتقى البيئي الوزاري العالمي٬ المنبثق عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة٬ معربة لكم عن سعادتي بحضوري بينكم.
وأود على الخصوص٬ أن أتوجه بجزيل الشكر والامتنان للسيد أشيم ستاينر٬ المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة٬ على الدعوة الكريمة التي تفضل بتوجيهها إلي للمشاركة في أعمال هذه الدورة الهامة. كما أوجه خالص الشكر لحكومة وشعب كينيا الصديقة على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة اللذين حظيت بهما والوفد المرافق لي٬ منذ حلولنا بهذه المدينة الجميلة٬ قبلة العديد من الملتقيات الدولية الهامة.
أصحاب المعالي والسعادة ٬
حضرات السيدات والسادة ٬
لقد التأم المنتظم الدولي قبل ستة أشهر للاحتفال بالذكرى العشرين لقمة الأرض ٬ المنعقدة بريو سنة 1992 ٬ وكانت مناسبة سانحة٬ تم خلالها تأكيد الإلتزام من أجل تحقيق التنمية المستدامة ووضع خارطة طريق جديدة٬ تمكن من بلوغ هذا المبتغى خلال السنوات المقبلة.
وذلك ما يتطلب من الجميع٬ ولاسيما من المجتمع المدني٬ المزيد من التعبئة والمبادرات الملتزمة٬ وتوحيد وتكثيف الجهود٬ مع اعتماد الآليات والمناهج الملائمة ٬ الكفيلة بحشد الموارد وتبادل الخبرات وتدعيم الكفاءات والمهارات٬ في إطار تضامن جهوي ودولي قوي وفعال.
وفي هذا الصدد٬ حرصت المملكة المغربية٬ منذ القمة الأولى لريو٬ على الإلتزام بتحقيق أهداف ومبادئ التنمية المستدامة٬ مجسدة إرادتها٬ وفي أعلى مستويات الدولة٬ في إعداد مشروع ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة٬ وذلك وفق التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وقد تميز إعداد هذا المشروع ٬ الذي يأخذ شكل قانون – إطار والذي سيعرض قريبا على البرلمان٬ باعتماده لمنهجية تشاورية شملت جميع جهات المملكة٬ واضطلع فيها المجتمع المدني بدور طلائعي٬ بتعاون وتنسيق مع السلطات العمومية المعنية٬ وكذلك مع فعاليات القطاع الخاص. كما تم إعداد مشروع قانون يتعلق بالساحل المغربي الممتد على 3500 كلم٬ يهدف إلى التوفيق بين المتطلبات الأساسية لحماية المنظومة الإيكولوجية لهذا الساحل٬ وضرورات التنمية الاقتصادية والاجتماعية٬ التي تشهدها بلادنا تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله.
وفي نفس السياق٬ أود أن أشير إلى أن الدستور الجديد للمملكة٬ الذي صادق عليه الشعب المغربي بموجب استفتاء فاتح يوليوز 2011 ٬ أولى أهمية قصوى لقضايا البيئة والتنمية المستدامة٬ وذلك من خلال التنصيص على حق المواطنات والمواطنين في العيش في بيئة سليمة وفي إطار تنمية مستدامة.
كما تم٬ بصفة جوهرية٬ توسيع اختصاصات المجلس الاقتصادي والاجتماعي ليشمل قضايا البيئة٬ وتخويل المنظمات غير الحكومية٬ في إطار الديمقراطية التشاركية٬ حق المساهمة في إعداد وتفعيل وتقييم السياسات العمومية المتعلقة بالتنمية. وقد أصبح هذا الإطار الدستوري والقانوني الجديد محفزا لدينامية فعاليات المجتمع المدني٬ وخاصة الجمعيات المهتمة بالمحافظة على البيئة٬ التي ارتفع عددها ببلادنا بشكل ملحوظ ليصل اليوم إلى أكثر من 2000 جمعية.
أصحاب المعالي والسعادة ٬
حضرات السيدات والسادة ٬
إن مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة٬ التي أتشرف برئاستها٬ ما فتئت تولي اهتماما خاصا لقضايا التربية والتوعية والتحسيس٬ باعتبارها آليات محورية٬ في إطار مختلف الاستراتيجيات المتعلقة بحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
ومن هذا المنطلق٬ حرصت المؤسسة٬ في إطار شراكة بناءة مع السلطات العمومية والقطاع الخاص٬ على الاستثمار في مجال التربية البيئية وإذكاء الحس الإيكولوجي٬ خاصة لدى الأجيال الناشئة٬ بهدف توطيد الوعي بالمسؤولية في هذا المجال وتطوير الكفاءات٬ لمواجهة التحديات المرتبطة بالتنمية المستدامة.
وتقديرا لجهود المؤسسة في مجال التوعية البيئية٬ واعتبارا لتجربتها المتميزة والرائدة في هذا الشأن٬ سيكون للمغرب٬ كما تعلمون٬ شرف احتضان فعاليات المؤتمر العالمي السابع للتربية البيئية٬ وذلك في غضون شهر يونيو المقبل بمدينة مراكش. وهو أول مؤتمر ينعقد في بلد عربي وإسلامي٬ ينظم بتعاون بين مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة والأمانة الدائمة للمؤتمر العالمي المذكور٬ تحت شعار "التربية على البيئة والرهانات من أجل انسجام أفضل بين المدن والقرى".
أصحاب المعالي والسعادة ٬
حضرات السيدات والسادة ٬
إن برامج عمل مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة٬ تقوم على أساس التربية البيئية والشراكة الفعلية مع مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية وفعاليات المجتمع المدني والقطاع الخاص٬ علاوة على التعاون المثمر مع المنظمات الدولية والإقليمية المختصة.
ففي مجال تحسيس المواطنين والفاعلين الاقتصاديين بأهمية المحافظة على البيئة واستصلاحها٬ أطلقت المؤسسة كلا من برنامج " شواطئ نظيفة"٬ الذي ارتقى إلى مشروع وطني طموح يساهم بصفة فعلية في حماية الساحل المغربي ٬ وبرنامج "المفتاح الأخضر" الهادف إلى تطوير سياحة مسؤولة٬ من خلال مكافأة أفضل مبادرات التدبير البيئي في قطاع الإيواء السياحي٬ وكذا البرنامج الخاص بالتعويض الطوعي للكربون الذي يتوخى التحسيس بشأن الآثار السلبية لانبعاث الكربون الناتج عن استعمال العربات ذات المحرك.
وفي نفس السياق٬ وعملا على التحفيز لاستعمال الطاقات المتجددة٬ اهتمت المؤسسة بالمساهمة في تطوير البرنامج الهام لكهربة المدارس القروية بالطاقة الشمسية.
وفي إطار المحافظة على التراث الطبيعي٬ تساهم المؤسسة في إنجاز برنامج غرس الأشجار٬ والذي يعد استرجاع الواحات التاريخية بمراكش لحياتها الطبيعية وحمايتها٬ نموذجا لنجاحه.
وحرصا منها على إشاعة ثقافة المواطنة الإيكولوجية٬ خاصة لدى الصغار والشباب٬ بادرت المؤسسة٬ بشراكة مع وزارة التربية الوطنية٬ بإطلاق برنامجي "المدارس الإيكولوجية" و"الصحفيين الشباب من أجل البيئة" ٬ واللذين يهدفان على التوالي٬ إلى ترسيخ التربية البيئية في المناهج المدرسية٬ وإلى تمكين الشباب من التعبير والدفاع عن السلوكيات وأنماط الحياة التي تحترم البيئة والتحقيق في قضايا بيئية قريبة من محيطهم٬ والمشاركة في أنشطة "المؤسسة الدولية من أجل التربية على البيئة".
أصحاب المعالي والسعادة ٬
حضرات السيدات والسادة ٬
لا يسعني٬ في ختام هذه الكلمة٬ إلا أن أجدد التعبير عن سروري بالمشاركة٬ في أشغال هذا الجمع الهام٬ متمنية لكم التوفيق والسداد في أعمالكم٬ لما فيه خير بلداننا وشعوبها التواقة إلى الغد الأفضل وإلى تنمية مستدامة مواطنة ومسؤولة. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".