وشددت سموها، في كلمة خلال ترؤسها الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية حول "محاربة داء السرطان بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا"، على أنه لن يتأتى بلوغ أهداف محاربة السرطان إلا بتوفير الموارد المالية والبشرية الكفيلة بتحقيقها.
وفي هذا الصدد، جددت سموها الاقتراح الذي أعلنت عنه في الاجتماع رفيع المستوى لمنظمة الأمم المتحدة، في 20 شتنبر الماضي، بإحداث صندوق دولي للعلاج من السرطان والوقاية منه ; وذلك على غرار ما تم إنجازه في مجال محاربة السيدا.
وفي أفق بلوغ هذا الهدف الأسمى، اقترحت الانطلاق بإحداث صندوق جهوي للشرق الأوسط وإفريقيا، للوقاية من السرطان وعلاجه.وليشكل هذا الصندوق حافزا للمجموعة الدولية وللتجمعات الجهوية المماثلة، دعت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى إلى التفكير بشكل عملي في مختلف الآليات والوسائل الكفيلة بضمان تمويل قار له، مع الحرص على اعتماد الشفافية وآليات الحكامة الجيدة.
ومن شأن هذه الآلية التمويلية، تقول سموها، أن تشكل رافعة قوية لتجسيد التضامن، ليس فقط بين بلدان الشرق الأوسط وإفريقيا، بل أيضا بين دول الجنوب في ما بينها، مشددة على ضرورة تعويل دول المنطقة على نفسها وعلى قدراتها الذاتية لرفع التحديات التي تواجهها في هذا المجال، وذلك في خضم الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي تعرفها الدول المانحة.
وأبرزت أن التحدي الأكبر يتمثل في توفير الموارد البشرية المؤهلة، ولاسيما التقنية منها العاملة في المجال الصحي; اعتبارا لدورها المحوري في تقديم العلاج، والدعم النفسي والاجتماعي للمرضى ولذويهم. وعملا على تعزيز التعاون المشترك، خاصة مع الدول الإفريقية الشقيقة، اقترحت الأميرة للاسلمى إحداث "المدرسة الإفريقية للأنكولوجيا"، كمؤسسة لتكوين وتأهيل الموارد البشرية والتقنية في هذا المجال ; داعية إلى بلورة أنجع الآليات لإقامة هذه المؤسسة وتفعيلها على أرض الواقع.
وأكدت سموها أن توفير هذه الوسائل هو وحده الكفيل بجعل هذا التعاون واقعا معيشا، إذ أن رفع تحدي محاربة داء السرطان، لن يتأتى باجتماعات لتبادل المجاملات والخطب الرنانة، أو بشعارات لا تسمن ولا تغني من جوع ; وإنما بالعمل الملموس والجاد.
وقالت بهذا الخصوص "وإدراكا منا بأن محاربة هذا الداء الخبيث هي معركة جماعية بالأساس ; فإن كسبها لن يتأتى إلا بتضافر جهود الجميع، في عمل تضامني وإنساني فاعل".
ومن هذا المنطلق، دعت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى إلى إرساء دعائم تعاون حقيقي، أكثر توازنا وإنصافا بين جميع البلدان ; "تعاون ملموس، مضبوط في مجالاته، ناجع في وسائله وآلياته، ومتكامل بين الأطراف الفاعلة فيه".
وأوضحت أنه من حيث المجالات، ينبغي أن يشمل هذا التعاون قضايا التوعية والتحسيس بخطورة هذا الداء، وتداعياته الوبيلة على المرضى والأسر والمجتمع، وإعطاء الأولوية لقضايا الوقاية والتلقيح والتشخيص المبكر، وخاصة لسرطان عنق الرحم.
كما يتعين، تضيف سموها، تكثيف التعاون وتعزيز آليات التضامن، لتيسير ولوج المرضى للعلاجات الضرورية، وتمكينهم من الرعاية الصحية، وتقديم الدعم اللازم لهم ولأسرهم; فضلا عن ضرورة تشجيع البحث العلمي في هذا المجال.
وشددت على حرص سموها على أن تكون هذه الندوة منطلقا لإرساء هذا التعاون الفعلي على أسس متينة، وهو ما تجسده المبادرات البناءة والاتفاقيات الهامة، التي سيتم إبرامها خلال هذا الملتقى.
ومن منطلق تجربة جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان، أكدت سموها على الدور الحاسم للمنظمات الدولية والجمعيات غير الحكومية، العاملة في هذا المجال ، ليس فقط في التكامل مع دور الحكومات ; بل أيضا في النهوض بأدوار الاستباق والابتكار، والعمل عن قرب على محاربة هذا الداء.
وأكدت أن ذلك يقتضي بالأساس، العمل في إطار تشاركي، مهني وميداني، تتضافر فيه جهود الجميع، من خلال تكثيف آليات التضامن والتعاون الدولي على مستوى الأجهزة الحكومية، والمنظمات الدولية المعنية، والفاعلين في القطاع الخاص، مشددة على ضرورة الإستفادة من مختلف التجارب والخبرات، ومن البرامج الناجحة المتعلقة بالتلقيح والكشف المبكر لسرطان عنق الرحم، المعمول بها سواء على صعيد المنطقة، أو في مناطق أخرى.
وبموازاة ذلك، أكدت سموها على الدور الاستراتيجي لمؤسسات البحث العلمي، والمختبرات الكبرى، وشركات الأدوية العالمية، في مساندة المجهودات والبرامج الوطنية والإقليمية، الرامية إلى محاربة داء السرطان، وقاية وتشخيصا وعلاجا، وكذا بحثا وتمويلا.
وخلصت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى إلى أنه إذا كان الجميع يتفق على الأهمية المتزايدة للتلقيح في الوقاية من داء سرطان عنق الرحم، فإن التكلفة الباهظة للقاح، تظل أكبر عائق أمام الفئات المعوزة ببلدان المنطقة، مشددة على ضرورة جعل تخفيض تكلفة اللقاح، أساس دمقرطة الولوج إلى العلاج والدواء.